قالَ: أرادَ: لا أُنثى لهُ، لأنَّه إذا سَفِدَ هُزِلَ. فَقَدْ أبانَ ابنُ قُتيبة أنَّ هذه اللفظةَ إنَّما تقعُ في اللغةِ على مَنْ لا زوجَ لها من النساءِ، وعلى مَنْ لا زوجةَ له من الرجالِ.
وعابَ ابنُ الأنباري (١) على ابنِ قُتيبة إيقاعَهُ هذا الاسمَ على الرجالِ، وقالَ: إن المرأةَ التي مات عنها زوجُها يُقالُ لها: أرملة، لما يقعُ بها من الفَقْر وذهاب الزادِ بعدَ موتِ عشيرِها وقَيِّمها. والرجل الذي تموتُ امرأتُهُ يُقالُ له: أَيِّمٌ، ولا يُقالُ له: أَرمَل، إذْ ليسَ شأنُ الرجلِ أنْ يفتقرَ ويذهب زادُه بموتِ امرأتِهِ، إنَّما ذلك واقعٌ بالنساءِ، إذ كَانَ الرجالُ هم المنفقون (٢) عليهنَّ. قالَ اللَّهُ سُبحانه: ﴿وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ (٣)، قال: وقول الشاعر:
فمَنْ لحاجةِ هذا الأَرْمَلِ الذَّكَرِ
لم يُرِدْ بالأَرْمَلِ الذي ماتَتْ امرأتُهُ، بلْ أرادَ الفقير الذي نَفِدَ زادُهُ. ثمَّ بيَّنَ المعنى بقولِهِ: الذَّكَر. وكذلكَ قولُ الآخرِ:
رَعَى الربيعَ والشتاءَ أَرْمَلا
ليسَ فيه حُجَّةٌ، لأنَّه أراد الربيعَ والشتاءَ الأرمل، أي الشتاءَ المُذْهبَ أزوادَ الناسِ. فالأرملُ من صفةِ الشتاءِ، وليسَ من صفةِ
_________
(١) الزاهر ٢/ ٣١٦، وابن الأنباري أبو بكر محمد بن القاسم، ت ٣٢٨ هـ.
(٢) كذا في النسختين، وفي المطبوع: المنفقين، ولم يُشر إلى ذلك.
(٣) سورة النساء: الآية ٣٤.
1 / 51