Maxaa Dunidu Ku Waayay Hoos u Dhaca Muslimiinta
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
Daabacaha
مكتبة الإيمان
Goobta Daabacaadda
المنصورة - مصر
Noocyada
أجسادًا بغير أرواح، وأنهم كانوا يعظمون الله كما كانوا يعظمون شيوخهم وكبارهم
لم نستغربه البتة، وإنما نتعجب إذا سمعنا عكس ذلك، وقد أثرت شدة الاعتداد بالحياة الدنيا والمبالغة في قيمتها، وكذلك الولوع بالتماثيل والصور والغناء والموسيقى التي يسميها اليونان الفنون الجميلة ولهج الأدباء والمؤلفين بالحرية الشخصية التي لا تعرف قيدًا ولا تقف عند حد تأثيرًا سيئًا في أخلاق اليونان ومجتمعها، فانتشرت الفوضى في الأخلاق وحدثت ثورة على كل نظام، وأصبح شعار الرجل الجمهوري (وهو كناية عن الحر والمتنور) الجري وراء الشهوات العاجلة، وانتهاب المسرات، والتهام الحياة التهام الجائع النهم. يصف سقراط - كما ينقل عنه أفلاطون في كتابه «المملكة» - الرجل الجمهوري فكأنما يصف ناقد من نقاد هذا القرن فتى القرن العشرين في إحدى عواصم المدينة الغربية:
«إذا قيل له: إن بعض المسرات من الرغبات التي هي طيبة وتستحق الاحترام وبعضها من الشهوات التي هي قبيحة، وإن الأولى ينبغي أن يعمل بمقتضاها وتحترم والأخرى مما ينبغي أن يمنع عنها ويقام عليها الحجر، لم يقبل هذا الرجل هذا القانون الصحيح ولا يسمح بسماعه؛ فإذا عرضت عليه هذه الحقائق أنغض إليك رأسه مستهزئًا وأكد أن جميع الشهوات سواء وتستحق الاحترام بغير فرق بينها، وهكذا يعيش ويقضي أيامه مرضيًا شهواته التي تعتريه أحيانًا، ذات يوم تراه سكران ثملا مصغيًا إلى الغناء، وفي يوم آخر تراه صائمًا يجتزئ بالماء، وتارة يدخل في التربية والتمرين، وأخرى تراه كسلان عاطلًا يهمل كل شيء، ومرة تراه يعيش عيش فيلسوف، وأحيانًا يدخل في السياسة وينهض ويخطب بمقتضى الوقت، ربما يمدح بعض رجال الحرب والجندية ويميل إليهم أو يشرع في التجارة لأنه يغبط التاجر الرابح، ليس لحياته نظام ولا ضبط ولكنه يعد هذه الحياة هنيئة ناعمة سارة ويواصلها إلى النهاية» .
أما الوطنية فهي من لوازم الطبيعة الأوربية، وهي أظهر وأقوى في أوربا منها في آسيا، وقد أغرى بذلك الطبيعة الجغرافية وأوحته، لأن المناطق الطبيعية في آسيا واسعة جدًا وتشمل على مناخات وعلى أجيال وأنواع كثيرة للبشر، وهي غنية مخصبة في وسائل المعيشة؛ فالمملكة في القارة الآسيوية تجنح بحكم الطبيعة إلى السعة والعموم، وظهرت في أرضها وازدهرت أوسع ممالك عرفها التاريخ، أما في
1 / 144