ولد العطف على أهل البيت منذ اليوم الذي خذل فيه علي، وكان يرى نفسه صاحب الحق في الخلافة الإسلامية، وبلغ العطف أشده يوم قتل، وأتيحت بقتله الفرصة لقيام الخلافة الأموية، ثم تأصلت جذور ذلك العطف في أفئدة المسلمين بعد قتل الحسين رضي الله عنه وما تلاه من أحزان أهل البيت.
والواقع أن دماء أهل البيت كانت هزت قلوب المسلمين، ويكفي أن نتصور ما حدث به الفيروزابادي في مادة «سور» من القاموس المحيط؛ إذ قال:
وسورين: نهر بالري وأهلها يتطيرون منه؛ لأن السيف الذي قتل به يحيى بن زيد بن علي بن الحسين غسل فيه.
والتطير من نهر غسل فيه سيف قتل به رجل من أهل البيت يمثل أقصى معاني التصوف في حب أسباط الرسول. (2)
ومقتل الحسين خاصة من الحوادث التي شغلت خواطر المسلمين أجيالا طوالا، ولو كان التصوير من الفنون التي شجعها الإسلام لملأت صورة الحسين أقطار الأرض، كالذي وقع في صورة المسيح التي تزدان بها الكنائس الصغيرة والكبيرة والمنازل في مختلف البقاع النصرانية.
ولكن الحماسة التي عدمت مكانها في مجال التصوير انتقلت إلى الخطب والرسائل والقصائد، ومن ملاحظات المسيو بلانشو
Blanchot
في كتاب
Les Elapes de la Peinture
أن الحسين عند المسلمين يذكر بأدونيس عند اليونان، وتتلخص هذه القصة في أن أفروديت إلهة الجمال كان لها ابن وسيم الطلعة نضير الشباب اسمه أدونيس، فخرج يوما يتصيد فهاجمه خنزير بري فقتله، ونبتت من دمه شقائق النعمان، ثم مضى اليونان يحيون ذكراه في كل ربيع، فيبكون ويندبون، وأمامهم تابوت يمثل نعش أدونيس.
Bog aan la aqoon