ذِكْرُ النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالْأَرْبَعِينَ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ هَذَا النَّوْعُ مِنْهُ مَعْرِفَةُ أَلْقَابِ الْمُحَدِّثِينَ، فَإِنَّ فِيهِمْ جَمَاعَةً لَا يُعْرَفُونَ إِلَّا بِهَا، ثُمَّ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ غَلَبَتْ عَلَيْهِمُ الْأَلْقَابُ وَأَظْهَرُوا الْكَرَاهِيَةَ لَهَا، فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا رَوَى عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ يَجْمَعُ يَدَيْهِ وَيَقُولُ: مُسْلِمٌ، وَلَا يَقُولُ: الْبَطِينُ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ إِذَا رَوَى عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ يَقُولُ: مُوسَى بْنُ رَبَاحٍ، فَيَنْسِبُهُ إِلَى الْجَدِّ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا أَجْعَلُ فِي حِلٍّ مَنْ قَالَ لِي: عُلَيُّ، فَأَوَّلُ لَقَبٍ ذُكِرَ فِي الْإِسْلَامِ لَقَبُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَحْمَسِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَذْكُرُ أَنَّ أَبِي الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ كَانَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: "
[البحر الرجز]
مُبَارَكٌ مِنْ وَلَدِ الصِّدِّيقِ ... أَزْهَرُ مِنْ آلِ أَبِي عَتِيقٍ
أَلْتَذُّهُ كَمَا أُلَذُّ رِيقِي
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا اللَّقَبِ لِمَ قِيلَ لَهُ؟ فَقَالُوا: إِنَّهُ لِعَتَاقَةِ وَجْهِهِ، وَقَالَ: آخَرُونَ: إِنَّهُ عَتِيقُ اللَّهِ، وَذِكْرُهُ بِشَرْحِهِ يَطُولُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ⦗٢١١⦘ وَقَالَ: وَقَدْ لُقِّبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁ بِأَبِي تُرَابٍ