الوجه الثاني: قالوا: الاشتغال بهذا الحمد متعب للحامد، وغير نافع للمحمود؛ لأنه كامل لذاته، والكامل لذاته يستحيل أن يستكمل بغيره، فثبت أن الاشتغال بهذا التحميد عبث وضرر، فوجب أن لا يكون مشروعا.
قلنا: لم يشرع التحميد لتكميل الذات تعالى الله عن ذلك، ولا لأجل انتفاعه - سبحانه وتعالى - ، وإنما /14/ شرع لأجل انتفاعنا ومصالحنا فضلا منه تعالى ومنا على عباده، سواء كان في ذلك تعب عليهم أم لم يكن، ولا ضرر فيما فيه النفع الأبدي والثواب السرمدي، وليت شعري ما يقول هؤلاء في الجهاد، ولعلهم ينكرون مشروعيته أيضا، فإنه أشد تعبا من التحميد، وكذلك الصلاة والصيام والاعتكاف والحج وغيرها من العبادات؛ فإنها لا شك أشد تعبا من التحميد، وما أظن هذه من القائلين مسلمين.
الوجه الثالث: قالوا: إن معنى الإيجاب: هو أنه لو لم يفعل لاستحق العقاب، فإيجاب حمد الله تعالى معناه أنه قال: لو لم تشتغل بهذا الحمد لعاقبتك، وهذا الحمد لا نفع له في حق الله، فكان معناه أن هذا الفعل لا فائدة فيه لأحد، ولو تركته لعاقبتك أبد الآباد، وهذا لا يليق بالحكيم العليم.
Bogga 25