Macarij Amal
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
Noocyada
المسألة الثالثة: في شروط صحة التكليف وهي شرطان: إمكان المكلف به، وفهم المكلف، ولم يذكرهما الناظم؛ لأنهما من دقائق علم الكلام فلا حاجة للمبتدئ إليهما، ولا بأس أن نذكرهما ها هنا إفادة للطالب فنقول:
أما اشتراط إمكان المكلف به: فهي المسألة المعروفة بين أهل الكلام بتكليف ما لا يطاق، وذلك كتكليف الإنسان الطيران، وتكليف المقعد القيام، وتكليف الأعمى الإبصار، وتكليف الأصم أن يسمع، وتكليف المريض الصحة، فهذه وأشباهها أمور غير ممكنة في حق هؤلاء؛ فالتكليف بها لا يصح عندنا وعند المعتزلة؛ لأن الطيران ليس من قدرة الإنسان، ولا الصحة من قدرة المريض إلى غير ذلك، والله - سبحانه وتعالى - حكيم تتعالى أفعاله عن العبث.
وذهبت الأشعرية إلى جواز التكليف بذلك بل إلى وقوعه، وقال القاضي: إنه جائز غير واقع.
والحجة لنا عليهم: أنه لا يصح التكليف من الحكيم إلا لحكمة، وهو - سبحانه وتعالى - حكيم، والتكليف /58/ بما لا يطاق لا حكمة فيه بل هو عبث، وليس العبث من صفات الألوهية، فمن كان عابثا فليس بإله، فيلزم بتجويز ما لا يطاق انتفاء الألوهية وهو - سبحانه وتعالى - الإله الحكيم.
Bogga 108