146

Macnaha Qur'aanka iyo Sarbeebtiisa

معاني القرآن وإعرابه

Baare

عبد الجليل عبده شلبي

Daabacaha

عالم الكتب

Lambarka Daabacaadda

الأولى ١٤٠٨ هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٨٨ م

Goobta Daabacaadda

بيروت

القذف لوجب أن يوقف ويُعَلَّمَ أنه حرام، فكذلك مجاز إعلام الملكين الناس
وأمرهما باجتنابه بعد الإعلام يدل على ما وصفنا، فهذا مستقيم بين، ولا
يكون على هذا التأويل تعلم السحر كفرًا، إنما يكون العمل به كفرًا، كما أن من عَرَفَ الزنا لم يأثَمْ بأنه عرفه، وإنما يأثم بالعمل به.
وفيه قَوْل آخر، جائز أن يكون اللَّه ﷿ امتحن بالملكين الناس في ذلك الوقت، وجعل المحنة في الكفر والِإيمان أن يقبل القابل تعلم السحر، فيكون بِتَعلُّمِه كافرًا، وبتْرَكِ تعَلمه مؤمنًا، لأن السحر قد كان كثر وكان في كل أمة، والدليل على ذلك أن فرعون فزع في أمر موسى ﷺ إلى السحر - فقال: (ائتوني بكل ساحر عليم)
وهذا ممكن أن يمْتَحِن اللَّه به كما امتحن بالنهر في قوله
(إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإنَهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ).
وقد قيل إن السحر ما أنزل على الملكين، ولا أمرا به ولا أتى به
سليمانُ ﵇. فقال قوم: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ)، فيكون " ما " جحْدًا، ويكون هاروت وماروت من صفة الشياطين، على تأويل هؤلاء، كان التأويل عندهم على مذهب هؤلاءِ: كان الشياطين هاروت وماروت، ويكون معنى قولهمَا على مذهب هؤلاءِ (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ) كقول الغاوي والخليع: أنا في ضلال فلا تَرِدْ ما أنا فيه.
فهذه ثلاثة أوجه، والوجهان الأولان أشبه بالتأويل وأشبه بالحق عند كثير
من أهل اللغة، والقول الثالث له وجه، إلا أن الحديث وما جاءَ في قِصَّةِ
الملكين أشبه وأولى أن يؤخذ به

1 / 184