204

Macaani al-Akhbaar

مcاني الأخبار

Baare

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

Goobta Daabacaadda

بيروت / لبنان

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: ح قَيْسُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ قَالَ: ح قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: ح مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ الْلَّهِ ﷺ قَالَ: «هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَذِهِ فَوَاللَّهِ مَا أُخْفِيَ عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا سُجُودِكُمْ إِنِّي لَأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي» ⦗٣٠١⦘ وَنَهَى عَنِ الْوِصَالِ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ لَتُوَاصِلُ فَقَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ إِنِّي أَظَلُّ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» وَقَالَ: ﷺ: «لَسْتُ أَنْسَى وَلَكِنِّي أُنَسَّى لَيُسْتَنَّ بِي» . فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ عَنْ سِرِّهِ، وَأَنَّهُ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ، فَإِنَّ الْآفَةَ الَّتِي تُجَلِّي ظَاهِرَهُ مِنْ ضَعْفٍ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَوَرَمٍ عِنْدِ الْقِيَامِ وَسَهْوٍ فِي صَلَاةٍ، وَنَوْمٍ عَنْ صَلَاةٍ لَا يُجَلِّي شَيْءٌ مِنْهَا بَاطِنَهُ وَسِرَّهُ، فَقَالَ: «تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي»، لِأَنَّ النَّوْمَ آفَةٌ وَلَوْ حَلَّتِ الْآفَةُ قَلْبَهُ لَجَازَ أَنْ تُحِلَّهُ سَائِرُ الْآفَاتِ مِنْ نِسْيَانِ وَحْيٍ، وَتَوَهُّمٍ فِيهِ وَغَفْلَةٍ عَنْهُ وَسَأْمَةٍ مِنْهُ، وَفَزَعٍ يَمْنَعُهُ عَنْ وَاجِبٍ، فَعَصَمَ اللَّهُ مَعَ مَوْضِعِ الْخَاطِرِ مِنَ النَّاسِ عَلَى لُحُوقِ هَذِهِ الْآفَاتِ سِرَّهُ بِقَوْلِهِ ﷺ: «تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» . وَنَامَ ﷺ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يُعْلَمَ النَّاسَ مَاذَا عَلَيْهِمْ إِذَا نَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ، فَأَمْسَكَ عَيْنَيْهِ وَأَنَامَهَا لَيَصِيرَ بِذَلِكَ سُنَّةً فِيمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَنْ وَقْتِهَا، وَأَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ بِتَفْرِيطٍ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ» وَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنِّي لَا أَنَامُ، وَلَكِنْ قَالَ: «تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي»، وَإِنَّمَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ لِنَوْمِ عَيْنَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا نَامَ غَطَّ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَوَضَّأُ إِذَا انْتَبَهَ مِنْ مَنَامِهِ، فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَنَامُ ظَاهِرُهُ، وَلَمْ يَكُنْ يَنَامُ قَلْبُهُ عَنْ مَقَامِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مَنْ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ، وَفِي حَدِيثٍ: «لَا نَوْمَ هُنَاكَ»، أَلَا تَرَى يَقُولُ: «إِنِّي أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي» قَالَ: أَظَلُّ عِنْدَ رَبِّي دَائِمًا، أَرَادَ بِقَلْبِهِ؛ ⦗٣٠٢⦘ لِأَنَّ قَلْبَهُ تَحْتَ الْعَرْشِ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ هُنَالِكَ مَجَالُهُ، وَثَمَّةَ مَسْكَنُهُ وَقَرَارُهُ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ نَوْمٌ، وَبَدَنُهُ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَعِنْدَ أَزْوَاجِهِ فِي حَيْثُ يَكُونُ فِيهِ النَّوْمُ وَسَائِرُ الْآفَاتِ، فَتَنَامُ عَيْنُهُ عَنِ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَنَمْ قَلْبُهُ عَمَّا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ حَرَكَاتُ الْبَدَنِ، وَالنَّوْمُ حَلَّ فِي الْبَدَنِ، وَلَيْسَ الصَّلَاةُ مَقَامَ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ فِي الصَّلَاةِ مَقَامُهُ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» وَلَمْ يَقُلْ: جُعِلَتْ قُرَّةَ عَيْنِي الصَّلَاةُ، فَكَانَ فِي الصَّلَاةِ مَقَامٌ لِقَلْبِهِ كَانَتْ قُرَّةُ عَيْنَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَنَمِ الْقَلْبُ عَنْ ذَلِكَ الْمَقَامِ، وَنَامَتِ الْعَيْنُ عَنْ حَرَكَاتِ الصَّلَاةِ كَمَا لَمْ يَنْسَ وَلَكِنْ يُنَسَّى، وَمَعْنَى أُنْسِيَ أَيْ تَجْرِي عَلَى ظَاهِرِهِ أَحْوَالُ النِّسْيَانِ، وَالنِّسْيَانُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ ﷺ: «لَسْتُ أَنْسَى»؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ غَفْلَةٌ، وَالْغَفْلَةَ آفَةٌ، وَقَدْ بَانَ أَنَّ الْآفَةَ تَجْرِي عَلَى ظَاهِرِهِ دُونَ بَاطِنِهِ فَكَانَ يَسْهُو وَلَا يَنْسَى؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ غَفْلَةٌ، وَلَيْسَ السَّهْوُ بِغَفْلَهٍ، فَكَانَ يَسْهُو فِي صَلَاةٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَغْفَلُ عَنْهَا، وَالسَّهْوُ شُغْلٌ فِيهَا فَرُبَّمَا كَانَ يَشْغَلُهُ عَنْ حَرَكَاتِ الصَّلَاةِ مَا فِي الصَّلَاةِ فَيُقَدِّمُ أَوْ يُؤَخِّرُ شُغْلًا فِيهَا لَا غَفْلَةً عَنْهَا، فَكَذَلِكَ كَانَ يَنَامُ عَنْهَا لِيَكُونَ عَلَمًا لِلنَّاسِ وَسُنَّةً لِلْأُمَّةِ، وَلَا يَنَامُ عَمَّا فِيهَا فَيَكُونُ غَفْلَةً مِنْهُ وَآفَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

1 / 300