191

Macaani al-Akhbaar

مcاني الأخبار

Baare

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

Goobta Daabacaadda

بيروت / لبنان

وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ حِينَ دَعَاهُ بِلَالٌ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «مُرُوا مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ»، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ فَقُلْتُ: قُمْ يَا عُمَرُ فَصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَ: فَقَامَ، فَلَمَّا كَبَّرَ عُمَرُ، سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَوْتَهُ، وَكَانَ عُمَرُ رَجُلًا مُجْهِرًا، فَقَالَ: «فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ، يَأْبَى اللَّهُ ذَاكَ وَالْمُسْلِمُونَ، يَأْبَى اللَّهُ ذَاكَ وَالْمُسْلِمُونَ» حَدَّثَنَا بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ح نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، ح عَمَّارٌ، ح سَلَمَةُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، قَالَ: لَمَّا اسْتَقَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا عِنْدَهُ، وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ ﷺ «إِنْ تُوَلُّوهَا عَلِيًّا» أَيْ: تُوَلُّوهَا بَعْدَ وَفَاتِي وَعَلَى إِثْرِي، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَقُومُ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَإِنَّمَا أَرَادَ: أَنْ تُوَلُّوا عَلِيًّا حِينَ تُفْضِي إِلَيْهِ الْخِلَافَةُ وَتَصِيرُ لَهُ الْإِمْرَةُ وَتَنْتَهِي إِلَيْهِ الْوِلَايَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
حَدِيثٌ آخَرُ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، بَكْرُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ رَوَّادٍ التَّاجِرُ قَالَ: ح عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: ح الْمُقْرِيُّ، عَنْ حَيْوَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁» ⦗٢٨٣⦘ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ ﵀: أَخْبَرَ النَّبِيُّ عَمَّا لَمْ يَكُنْ، أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَمَّا لَا يَكُونُ أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ، بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الأنعام: ٢٨]، بِقَوْلِهِمْ: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٧]، فَفِيهِ إِنَابَةُ كَذِبِهِمْ وَعُتُوِّهِمْ عَلَى اللَّهِ ﷿ وَأَنْ كُفْرَهُمْ وَتَرْكَهُمُ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ كَانَ عِنَادًا، وَجُحُودًا عَلَى بَصِيرَةٍ بِمَوَاضِعِ الْحَقِّ، وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهَوَى لَا لِشُبْهَةٍ عَرَضَتْ. فَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ «لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ ﵁» فِيهِ إِنَابَةٌ عَلَى الْفَضْلِ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ فِي عُمَرَ ﵁ وَالْأَوْصَافِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَالنُّعُوتِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمُرْسَلِينَ. فَأَخْبَرَ أَنَّ فِي عُمَرَ ﵁ أَوْصَافًا مِنْ أَوْصَافِ الْأَنْبِيَاءِ، وَخِصَالًا مِنَ الْخِصَالِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمُرْسَلِينَ، مُقَرَّبٌ حَالُهُ مِنْ حَالِ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - كَمَا وَصَفَ النَّبِيُّ ﷺ رَكْبًا أَتَوْهُ فَقَالَ: «حُكَمَاءُ عُلَمَاءُ كَادُوا أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْفِقْهِ أَنْبِيَاءَ» . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَعْنًى آخَرُ، وَهُوَ إِخْبَارٌ أَنَّ النُّبُوَّةَ لَيْسَتْ بِاسْتِحْقَاقٍ وَلَا بِعِلَّةٍ تَكُونُ فِي الْعَبْدِ يَسْتَحِقُّ بِهَا النُّبُوَّةَ وَيَسْتَوْجِبُ الرِّسَالَةَ، بَلْ هُوَ اخْتِيَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَاصْطِفَاءٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ١٧٩]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾ [الحج: ٧٥]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ﴾ [الزخرف: ٣٢] . فَكَأَنَّهُ ﷺ أَشَارَ إِلَى أَوْصَافِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ ﵈ وَأَنَّ عُمَرَ ﵁ جَمَعَ مِنْهَا كَثِيرًا، لَوْ كَانَتِ الْأَوْصَافُ مُوجِبَةً لِلرُّسُلِ لَكَانَ عُمَرُ بَعْدِي رَسُولًا. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ خَاصَّةَ الْأَوْصَافِ الَّتِي كَانَتْ فِي عُمَرَ الَّتِي تَفَرَّدَ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ، قُوَّتُهُ فِي دِينِهِ وَبَدَنِهِ، وَسِتْرُهُ، وَقِيَامُهُ بِإِظْهَارِ دِينِ اللَّهِ وَإِعْرَاضِهِ عَنِ الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا لِظُهُورِ الْحَقِّ وَإِعْزَازِ الدِّينِ، وَفُرْقَانِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَبِذَلِكَ سُمِّيَ الْفَارُوقَ

1 / 282