105

Macaani al-Akhbaar

مcاني الأخبار

Baare

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

Goobta Daabacaadda

بيروت / لبنان

قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ح صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ح عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ: أخ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ ذَرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، ﵁ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ ﷺ خَيْرَ الْقُلُوبِ، فَبَعَثَهُ نَبِيًّا، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، وَاسْتَخْلَصَهُ، وَانْبَعَثَ بِالرِّسَالَةِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَوَجَدَ قَلْبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ. وَفِي رِوَايَةٍ: خَيْرَ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ لِنَبِيِّهِ ﷺ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ ⦗١٥١⦘ حَسَنٌ، وَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: الْمُسْلِمُونَ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ وَقَوْلُهُ: «وَأَهْلُ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى» أَيْ أَنَّهُمْ أَرْبَابُ النُّفُوسِ، وَالْمُجَاهَدَاتِ وَأَصْحَابُ الْمُعَامَلَاتِ وَالْمُكَابَدَاتِ، فَالْبِرُّ هُوَ صِدْقُ الْمُعَامَلَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالتَّقْوَى حُسْنُ الْمُجَاهَدَةِ فِي اللَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تُولُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البقرة: ١٧٧] إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٧]، فَأَخْبَرَ ﷿ أَنَّ الْبِرَّ هُوَ صِدْقُ الْمُعَامَلَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهَذِهِ أَوْصَافُ أَرْبَابِ الْمُعَامَلَاتِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: ٦٩]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤١] . فَهَذَا حُسْنُ التَّقْوَى، فَكَأَنَّهُ ﷺ أَخْبَرَ عَنِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُمْ أَرْبَابُ الْمُعَامَلَاتِ، وَأَصْحَابُ الْمُجَاهِدَاتِ، وَوَصْفُهُ لِلطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّرَاحُمِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَامَلُوا اللَّهَ تَعَالَى بِوَاسِطَةِ الدُّنْيَا فِي الْعُزُوفِ عَنْهَا وَالتَّرْكِ لَهَا، وَوَاسِطَةِ الْخَلْقِ بِالشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ وَالْبَذْلِ لَهُمْ، سَخِطَتِ الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ بِالنِّفُوسِ فَبَذَلُوهَا لِلَّهِ تَعَالَى بِتَحَمُّلِ أَفْعَالِهِ، وَأَنْصَبُوهَا فِي الْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَتْعَبُوهَا بِالْخِدْمَةِ لَهُ، وَلَمْ يَبْلُغُوا دَرَجَةَ الطَّبَقَةِ الْأُولَى فِي مُشَاهَدَاتِ الْقُلُوبِ، وَسَخَطَتِ الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ بِالدُّنْيَا، فَبَذَلُوهَا لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى شَفَقَةً عَلَيْهِمْ، وَنَظَرًا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَبْلُغُوا دَرَجَةَ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ فِي بَذْلِ النُّفُوسِ، فَكَانُوا فِي سَخَاوَةِ الدُّنْيَا عَلَى صِنْفَيْنِ، فَصِنْفٌ سَخَتْ عَلَيْهَا نُفُوسُهُمْ فَتَرَكُوهَا لِأَرْبَابِهَا، وَصِنْفٌ سَخَتْ بِهَا أَيْدِيهِمْ، فَبَذَلُوهَا لِطُلَّابِهَا، فَالصِّنْفُ الْأَوَّلُ أَهْلُ التَّوَاصُلِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا تَرَكُوهَا وَأَعْرَضُوا عَنْهَا سَلِمُوا مِنَ التَّقَاطُعِ، إِذْ كَانَ سَبَبُ التَّقَاطُعِ مُجَاذَبَةَ الدُّنْيَا بَيْنَهُمْ، وَمُنَازَعَتَهُمْ فِيهَا، وَمُقَاتَلَتَهُمْ عَلَيْهَا ⦗١٥٢⦘. قَالَ عُمَرُ ﵁: وَوَقَفَ عَلَى مَنْ عَلَا، فَأَخَذَ مَنْ كَانَ مَعَهُ بِالْفَهْمِ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ هَذِهِ دُنْيَاكُمُ الَّتِي تَنَازَعْتُمْ عَلَيْهَا، فَأَخْبَرَ أَنَّ مُجَازَتَهَا بَيْنَهُمْ سَبَبُ التَّقَاطُعِ، فَتَرْكُهَا لِطُلَّابِهَا سَبَبُ التَّوَاصُلِ. وَالصِّنْفُ الثَّانِي: أَهْلُ التَّرَاحُمِ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا لَمَّا حَصَلَتْ فِي أَيْدِيهِمْ بَذَلُوهَا شَفَقَةً عَلَيْهِمْ، وَرَحْمَةً لَهُمْ، فَهُمْ أَهْلُ التَّرَاحُمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَكَأَنَّهُ ﷺ وَصَفَ طَبَقَتَهُ وَطَبَقَةَ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ، وَأَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْمُكَاشَفَاتِ وَالْمُشَاهَدَاتِ، وَوَصَفَ الطَّبَقَةَ الثَّانِيَةَ: أَنَّهُمْ أَرْبَابُ النُّفُوسِ، وَأَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْمُجَاهِدَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ، وَوَصَفَ الطَّبَقَةَ الثَّالِثَةَ: أَنَّهُمْ أَهْلُ بَذْلٍ وَسَخَاءٍ وَشَفَقَةٍ وَوَفَاءٍ، وَالطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ: أَهْلُ تَنَازُعٍ وَتَجَاذُبٍ، فَصَارُوا أَهْلَ تُقَاطُعٍ وَتَدَابُرٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَقْبَلُوا عَلَى الدُّنْيَا قَطَعَتْهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ، وَانْقَطَعَتِ الْأُخُوَّةُ الَّتِي أَوْجَبَهَا الْإِيمَانُ بِتَنَابُحِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا، وَتَنَافُسِهِمْ فِيهَا، وَأَدْبَرُوا عَنِ الْآخِرَةِ بِإِقْبَالِهِمْ عَلَيْهَا

1 / 150