وفي رواية قبله: ذكر عند عائشة قول ابن عمر: الميت يعذب ببكاء اهله عليه فقالت: رحم الله ابا عبد الرحمن سمع شيئا فلم يحفظه انما مرت جنازة يهودى على رسول الله وهم يبكون عليه فقال " انتم تبكون وانه ليعذب " (1). قال الامام النووي (ت 177 ه) في شرح صحيح مسلم عن روايات النهى عن البكاء المروية عن رسول الله (ص) " وهذه الروايات من رواية عمر بن الخطاب ؟ بنه عبد الله رضي الله عنهما وانكرت عائشة ونسبتها إلى النسيان والاشتباه عليهما وانكرت ان يكون النبي (ص) قال ذلك (2). ويظهر من الحديث الاتي أن منشأ الخلاف كان اجتهاد الخليفة عمر في النهي عن البكاء في مقابل سنة الرسول بالبكاء، فقد ورد في الحديث أنه: مات ميت من آل الرسول (ص) فاجتمع النساء يبكين عليه فقام عمر ينهاهن ويطردهن فقال رسول الله (ص) دعهن يا عمر فان العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب (3). وفي صحيح البخاري: كان عمر (رض) يضرب فيه بالعصا ويرمي بالحجارة ويحثي بالتراب (4). هكذا كان منشأ الخلاف في شأن البكاء على الميت، الاحاديث المتعارضة الواردة بشأنه في كتب الصحاح ولعل اجتهاد الخليفة عمر (رض) في المنع كان منشأ
---
(1) صحيح مسلم، كتاب الجنائز باب الميت يعذب ببكاء الله اهله عليه الحديث 25 والحديث 27 وقريب منه لفظ الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الرخصة في البكاء على الميت، وسنن ابي داود، كتاب الجنائز، الحديث 3129. (2) شرح النووي بهامش صحيح مسلم ط. المطبعة المصرية 1349 ه ج 6 / 228 باب الميت يعذب ببكاء اهله عليه. (3) سنن النسائي كتاب الجنائز باب الرخصة في البكاء على الميت. ابن ماجه كتاب الجنائز باب ما جاء في البكاء على الميت الحديث 1587 ص: 505. مسند احمد 2 / 110، 273، 333، 408، 444. (4) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، ج 1 / 158، وقوله " يضرب فيه " أي يضرب لاجل المنع من البكاء.
--- [60]
Bogga 59