نتبادل الرسائل كل يوم. كانت رسائله تحكي لوعة الغياب، وتنطق بشجاعته وحبه وهيامه ببلده، وتصور مشاريعه وأحلامه والأحداث التي كان يقص علي تفاصيلها مع شيء من السخرية أو المرح أو العنف.
62
15 يونيو
أود لو أصف لك ضيقي عندما تركت السفينة، عندما رجعت إلى القاهرة، عندما عدت من فوري إلى البيت؛ فقد دخلت غرفتنا وقبلت الزهرة وغطيت بالقبلات الصورة التي لا أراها ... ومع ذلك فقد فعل أصدقائي كل ما بوسعهم لتسليتي. لقد التقيت في المحطة بفريد (الرفاعي) والزناتي.
63
وتناولت العشاء مع مصطفى (عبد الرازق) ... عندما عدت، واجهت هذا الفراغ، والسرير الذي لا يزال على حاله، وسرير الصغيرة المغطى، والمهد الغائب ... كان ذلك أمرا رهيبا. وكنت بحاجة للشجاعة لأقوم بخلع ملابسي ... ولكن أنت، من يسهر عليك؟ من يعنى بك؟
لو أنني قربك، لا لشيء إلا لكي أحمل لك مؤنس، وألبس عنك أمينة، وأعطيك روح النعناع!
هذه اللفتات التي كانت تصدر عن ذلك الذي لا يستطيع أن يقوم بالكثير منها، كنت أنظر إليها باحترام.
يستحيل علي القيام بشيء آخر غير التفكير بك. ولا أستطيع أن أمنع نفسي من البكاء كلما دخلت الغرفة؛ فأنا أجدك في كل مكان دون أن أعثر عليك ... كانت الزهرة قد ذبلت، فوضعتها في العلبة التي تركتها لي لأضع فيها رسائلك؛ سأقبلها كل يوم. لقد استحالت الغرف معابد، وعلي أن أزورها كل يوم. ولو أنك رأيتني أخرج من غرفة لأدخل أخرى، ألمس الأشياء، وأنثر القبلات هنا وهناك ...
لنقل إنني في القاهرة في سبيل حماقة ما.
Bog aan la aqoon