ويكبره بكثير - على ظهرها عائدا إلى مصر، وأخذ طه، الذي طار لبه، يبكي ويهمس: «وا أسفاه! فخسائر بلدنا ستبقى بلا تعويض؛ هل سيأتي اليوم الذي تدافع فيه مصر عن نفسها بنفسها؟» ... لقد جاء هذا اليوم بعد خمسة وخمسين عاما ... فتبارك الله الذي أحياه حتى يتلقى خبر انتصار أكتوبر!
34
بعد ذلك علمنا من عثمان باشا غالب
35
أن سفينة إنجليزية قد انتشلت «ضيف» وتم من ثم إنقاذه.
سبتمبر: فرنسا تلهث والنصر يقترب. وكان طه مرحا يحلق وهو يرغي ويزبد ويتندم: «فلنكف عن الاعتراض ... فمن يدري أن العناية الإلهية قد تتسلح بآلة الحلاقة لكي تسبب لي ندبة في وجهي؟!» وظل لسنوات يدمدم وهو يحلق لحن افتتاحية «حلاق إشبيلية» على نحو غير صحيح ويغمر الأطفال من حوله بهجة.
عدنا إلى باريس. كانت باريس في الحادي عشر من نوفمبر تتفجر فرحا. وكان في مواجهة نوافذ بيتنا، من الجانب الآخر من الشارع، ملحق لمستشفى «فال دو جراس
Val-de-Grace » وحديقة صغيرة. فمن هناك تلقينا أول هتاف للجرحى الذين كانوا يقضون فترة نقاهتهم، وهناك رأيت أول علم يرفرف، عانقني طه؛ فما أكثر ما مرت علينا معا لحظات من الخوف والأمل! واختلطنا في المساء بالجماهير التي كانت تصعد نحو «مبنى البلدية
Hôtel-de-Ville »، وكانت ابنتي ترافقنا في عربتها الصغيرة «التي اشتريناها أخيرا»؛ لعدم وجود مربية نتركها عندها، كان جميع الناس يضحكون ويغنون. ومن المحتمل أن يكون طه قد أنشد مع المنشدين لحن «المادلون
Madelon ».
Bog aan la aqoon