88

سيقوم حسين كاشف بدوره الطبيعي عندما يتقدم إلى باب البيت لاستقبال الضيف الكبير بالحفاوة التي تليق به، ثم يميل على يده ليقبلها إجلالا له واعتذارا عن خطئه السابق. ولكنه لا يترك يده بعد أن يقبلها، بل يمسك بها بكلتا يديه حتى يمنعه من تجريد سيفه. وفي تلك اللحظة يتقدم المتآمرون الخمسة ليضربوه بسيوفهم في لحظة واحدة. وستكون قصور عمر بك وأمواله وجواريه ومماليكه بعد ذلك غنيمة للجميع، ويصبح حسين كاشف الأمير حسين بك مكافأة له على نجاح المكيدة.

وذهب عمر بك إلى البيت الجديد الذي أعدت فيه الوليمة الفاخرة. كانت الأنوار والأعلام تزين الحارة من مداخلها، وكانت الأرض مفروشة بالرمال الصفراء، وجلست فرقة الطبول والزمور تعزف بأنغامها الصاخبة عند مدخل الفناء، في حين كان الطباخون منهمكين في إعداد الأصناف البديعة للضيوف العظام. ونزل عن فرسه عند الباب وتولى زمامه اثنان من السراجين أتباع الكاشف، وكان الشيخ علي المجذوب هناك واقفا بقرب الباب ممسكا بنبوته الطويل ويطوح رأسه قائلا: الله! الله!

وكانت قلنسوته العالية ذات العمامة الخضراء تهتز مع حركة رأسه في عنف.

ولما أقبل حسين كاشف ليستقبل الأمير صاح الشيخ المجذوب: جرد السيف يا بطل!

فتبسم عمر بك عندما وجد الخطة التي رسمها مع الشيخ تسير في طريق النجاح.

وأسرع بتجريد سيفه ووقف ينتظر مجيء صاحب البيت لاستقباله.

وبهت الحاضرون جميعا وأوقفت فرقة الطبالين عزفها وقالوا: كرامة!

وبهت حسين كاشف أيضا من المفاجأة ووقف في مكانه ينظر نحو الضيف المتبسم.

وقال عمر بك: هذه كرامة الشيخ يا حسين كاشف، فتقدم.

ووقف الأمراء الخمسة ينظرون في دهشة وسيوفهم معلقة في حمائلها لم يجردوها بعد.

Bog aan la aqoon