أقول: في هاتين الآيتين نفي الصحبة الشرعية عن الأعراب الذين أسلموا قبل الطلقاء والوفود ونحوهم! مع إثبات الإسلام في حقهم، ونحن نعلم أن الصحابي صحبة شرعية هو في المحل الأكمل من (الإيمان) المفسر في الآية اللاحقة بآية (الإيمان بالله والرسول وعدم الشك في ذلك والجهاد بالمال والنفس في سبيل الله)، فهذا هو الإيمان المقتضي للصحبة الشرعية، وهذا المعنى منفي عن الأعراب الذين أسلموا قبل فتح مكة -لأن سورة الحجرات نزلت قبل فتح مكة بمدة- فكيف بالذين أسلموا بعد الفتح من الطلقاء والعتقاء والوفود!!.
النص الثامن.. من النصوص القرآنية:
قوله تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما)[30].
أقول: لولا أن بعض الناس يورد هذه الآية للدلالة على فضل المتأخرين من المسلمين في عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كالطلقاء والأعراب والوفود وأمثالهم لما أوردتها هنا، فالآية من سورة الفتح التي نزلت بعد فتح الحديبية وقبل فتح مكة، وعلى هذا فالثناء الذي فيها على (الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم) ينزل على المؤمنين يومئذ من المهاجرين والأنصار، ولا ينزل على من بعدهم.
إضافة إلى أن المعية هنا تقتضي النصرة والتمكين أيام الحاجة والذل والضعف فمثلما هناك صحبة شرعية وصلاة شرعية، فهناك معية شرعية أيضا ولم تتحقق هذه المعية في كثير من المسلمين المتأخرين ممن ذكروا في الصحابة العامة المتأخرون ممن أسلم بعد فتح مكة كان بعضهم شديدا على المؤمنين فيما بعد أكثر من شدته على الكفار المقاتلين.
Bogga 36