ثالثا: هناك أحاديث أخرى لا يجوز فهمها هذا الفهم التعميمي الذي يطالبنا به شيخنا وعلى سبيل المثال حديث (تعلموا من قريش ولا تعلموها) وحديث (نساء قريش خير نساء ركبن الإبل) وحديث (لا تمس النار مسلما رآني ولا من رأى من رآني)!
فهذه الأحاديث -رغم تحفظي في تصحيحها- إلا أنه قد صححها بعض المحدثين قديما وحديثا، فهل يقول عاقل بتعميم هذا في كل المفردات المنتسبة للألفاظ السابقة؟! هل كل قرشية تكون أفضل من كل أنصارية؟!
وهل -حقا- كل القرون الثلاثة الأولى مبشرون بالجنة عن بكرة أبيهم؟!
أم يكون الجواب أن هذا مشروط بالاستقامة أو أن التفضيل من وجه دون وجه أو أن بعضهم روى هذه الأحاديث بالمعنى فأخطأ وأن ظاهر بعض هذه الأحاديث تعارض نصوصا أقوى بل بعضها لا يحتاج لدراسة أسانيدها ولا يجوز التمسك بظاهر ألفاظها والجمود عليه لتعارضها مع الشرع والعقل والحقائق التاريخية؟
رابعا: برواية مثل هذه الأحاديث وهذا الفهم السيء لها من التمسك بظاهرها والجمود عليه وعدم النظر في المخصصات الأخرى ذم أهل الرأي والمعتزلة أهل الحديث، وإلا ماذا سيكون جواب أهل الحديث لو قال لهم المعتزلة: أنتم تروون عن النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” ما يخالف أصل الإسلام وتجعلون الحديث متناقضا مع القرآن وقول النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” لا يتناقض مع القرآن الكريم ولا مع العقل وأنتم تروون لنا أن المسلمين في القرون الثلاثة الأولى مبشرون بالجنة، وعلى هذا يلزمكم أن تجعلوا الحجاج وعبد الله بن أبي وأمثالهم في هذا الأمر من الحصانة كأبي بكر وعمر وأهل بدر وأصحاب بيعة الرضوان تماما؟!إذ جعلتم الجميع مبشرا بالجنة!.
Bogga 16