Iyadoo Abi Cala Xabsiga Ku Jirta
مع أبي العلاء في سجنه
Noocyada
ورضت صعاب آمالي فكانت
خيولا في مراتعها شمسنه
ولم أعرض عن اللذات إلا
لأن خيارها عني خنسنه
ولم أر في جلاس الناس خيرا
فمن لي بالنوافر إن كنسنه؟
فالذين يظنون به الزهد مخطئون، فليس هو زاهدا، ولكنه رجل عاجز عن تحقيق آماله، قد راض هذه الآمال فامتنعت عليه، ولم تذعن له، وأدركه اليأس من انقيادها، فخلى بينها وبين الشموس، وأعرض عن لذاته لا رغبة عنها، بل قصورا وعجزا، هي التي أفلتت منه، فلم يستطع أن يلحق بها؛ فآثر القعود على سعي لا غناء فيه!
وهو حين آثر القعود لم يطق أن يقعد مع الناس، ولا أن يرى في مجالستهم خيرا، فهم يرضون بما لا يرضى به، ويطمحون إلى ما لا يطمح إليه، ويقنعون بما لا يرى فيه مقنعا، ويختصمون فيا لا يرى فيه موضعا للخصام. فليعرض عنهم كما أعرض عن آمالهم ولذاتهم، ولينفر نفور الظباء حين يلزمن الكناس.
فهو إذن ساخط على الدنيا؛ لأنها أعجزته، لا لأنه زهد فيها. وفلسفته إذن - كما قلت في أول هذا الحديث - فلسفة المحنق المغيظ لا فلسفة المرتفع عن نعيم الحياة ولذاتها. أو قل: إنها فلسفة المرتفع عن نعيم الحياة ولذاتها، لا لأنه أراد أن يرتفع، بل لأنه أكره نفسه على هذا الارتفاع. طمعه أكثر من طاقته، فهو يؤثر أن يفقد كل شيء على أن يقنع ببعض الشيء.
أترحم هذا الرجل وترثي له، أم تضيق به وتسخط عليه؟ أما أنا فأختصه بالرحمة والعطف؛ لأنه أحب الدنيا، وأعرض عنها، ورغب في اللذات ثم صدف عنها؛ ولأنه حين أعرض عن الدنيا وصدف عن اللذات لم يضمر لأحد شرا، ولم يحسد الناس على ما أصابوا منها، وإنما رضي عن الحرمان، واطمأنت نفسه إليه، وعاش وادعا هادئا لا يؤذي أحدا، ولا كاد أحد يؤذيه.
Bog aan la aqoon