Mabahith fi 'Ilm al-Qira'at ma'a Bayan Usul Riwayat Hafs
مباحث في علم القراءات مع بيان أصول رواية حفص
Daabacaha
دار الكلمة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
Goobta Daabacaadda
القاهرة
Noocyada
تقريظ فضيلة الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله خليل
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا والصلاة والسلام على من بعثه الله هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.
أما بعد ..
فإن تعلم القرآن الكريم وتعليمه من أجل القربات وأعظمها عند الله تعالى.
ومن صور تعلم القرآن الكريم تعلم القراءات التي يقرأ بها هذا القرآن العظيم.
وقد أنزل الله القرآن على سبعة أحرف ليوافق لهجات العرب ونزل به الأمين جبريل على نبينا محمد ﷺ.
ومن فضل الله تعالى على ابننا محمد عباس الباز أن وفقه لتلقي القراءات القرآنية وقد قرأ علي شيئا منها.
وقد وفقه الله لوضع هذا الكتاب الذي جمع فيه كل ما يختص برواية حفص عن عاصم كما بين فيه الكلمات التي انفرد بها حفص دون غيره من القراء العشرة ورواتهم.
وقد وضع له عنوان «مباحث في علم القراءات مع بيان أصول رواية حفص» وهذا من فضل الله عليه أن وفقه لهذا العمل الجليل وأرجو من الله تعالى أن ينفع به المسلمين في كل البلاد.
وقد سمعت منه الكتاب وصححت فيه وأضفت عليه وسررت به كثيرا لأن فيه الجديد الذي لم يذكره غيره من المشتغلين بهذا العلم.
1 / 5
وأقدم شكري للابن محمد بن عباس الباز على هذا العمل الجليل الذي لا يضاهيه أي عمل فلا يوجد أفضل من الاهتمام بالقرآن الكريم.
وأسأله سبحانه أن يعين المؤلف لخدمة كتابه الكريم.
فضيلة الشيخ المقرئ محمد عبد الحميد شيخ مقارئ الإسكندرية
1 / 6
تقريظ فضيلة الشيخ محمد بن عوض بن زائد الحرباوي
الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى ونورا وجعل له حلاوة وعليه طلاوة لمن تلاه حق التلاوة.
والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم أنبيائه وعلى آله وصحبه الكرام الذين حملوا أمانة القرآن العظيم سالمة نقية من كل تحريف وأدوها إلى أتباعهم كما تلقوها حتى وصلت إلينا بالسند المتواتر النقي بارزة فيها معجزة قوله تعالى في كتابه الكريم: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩].
وبعد ..
فقد اطلعت على كتاب: «مباحث في علم القراءات مع بيان أصول رواية حفص» لصاحبه الأخ الشيخ محمد بن عباس بن محمد الباز فألفيته قد أحاط بمفردات حفص عن عاصم الكوفي مستقصيا جميع المواضع التي انفرد بها عن غيره من القراء العشرة.
وهذا الكتاب بحق مفيد للمهتمين بهذا الفن. ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياه لخدمة كتابه وأن يجعل العمل خالصا لوجهه الكريم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه محمد بن عوض بن زائد الحرباوي المدرس بقسم الدراسات القرآنية في كلية المعلمين بالرياض
1 / 7
المقدمة
الحمد لله، خلق الإنسان، علمه البيان، قال في محكم القرآن: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: ١٧]، والصلاة والسلام على إمام الهدى وصاحب أفصح وأبين لسان، نبينا محمد ﷺ، الذي أرسله ربه بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَداعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجًا مُنِيرًا [الأحزاب: ٤٥، ٤٦]. أمرنا ربنا بالصلاة والسلام عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: ٥٦].
وبعد ..
فإن القرآن الكريم هو حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، نور للفرد والأمة، يقاس تقدم الأمة وتقهقرها بقدر تمسكها بهذا النور الهادي؛ ذلك لأن فيه العلاج الناجح لكل تقهقر وتأخر، وفيه الدليل المرشد لكل تقدم ورقي.
حينما تمسك به السلف الكرام عزوا وسادوا وقادوا، وحينما تخلى عنه الخلف تقهقروا وتخلفوا وذلوا، ولسان الحال أبين من لسان المقال.
يوم أن كان القرآن قائدا؛ جيشت الجيوش تعلي كلمة الله، وتستجيب لصرخة «وا معتصماه!» واليوم تنطلق ملايين الصرخات: «وا إسلاماه! وا معتصماه!» ولكن ..
لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ... ليسوا من الشرفي شيء وإن هانا
فليت لي بهم قوما إذا ندبوا ... شدوا الإزارة فرسانا ورهبانا
1 / 9
«إن القرآن هو حقيقة الخلق الاجتماعي في الأمة، وهو الذي يجعل الأمة كلها طبقة واحدة على اختلاف المظاهر الاجتماعية عالية ونازلة وما بينهما، فهو بذلك الضمير القانوني للشعب، وبه لا بغيره ثبات الأمة على فضائلها النفسية.
ولهذا كان القرآن من أقوى الوسائل التي يعول عليها في إيقاظ ضمير الأمة وتنبيه روحها.
وكل أمة ضعف الدين فيها اختلت هندستها الاجتماعية وماج بعضها في بعض.
إن هذه الأمة التي يكون واجبها أن تشرف وتسود وتعتز، يكون واجبا عليها ألا تسقط ولا تخضع ولا تذل» (١).
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: ١١٠] إن القرآن هو القلب النابض لأفراد هذه الأمة، ومتى كان القلب سليما وقويّا ومتينا؛ استطاع أن يضخ العزة والشرف في قلوب أبنائه.
لقد مر على الأمة زمن لم يفلت من حفظ القرآن فيه إلا نفر قليل عن غير عمد قصدوه، فكنت تقابل الطفل ابن العاشرة فتجده حافظا لكتاب الله ولشيء من سنة رسول الله ﷺ.
واليوم لقد عجزت الأمة، بل عجز المثقفون فيها، بل عجز بعض أئمة المساجد، عجز كل هؤلاء عن أن يقيموا بالقرآن ألسنتهم، فعجزوا عن أن يقيموه في قلوبهم، فضلا عن تطبيقه في واقع حياتهم.
ألا يا أمة القرآن عودي:
ألا يا أمة القرآن عودي، عودي إلي الخير والفلاح، والبر والرشاد، والعزة والسيادة، والتقدم والنماء، ولن يكون ذلك إلا بالشرب من هذا النهر العذب
_________
(١) وحي القلم للرافعي.
1 / 10
الصافي، الذي يفيض نورا وعطاء.
يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [المائدة: ١٥، ١٦].
1 / 11
التمهيد
الحمد لله الذي اختار من عباده أقواما شرفهم بحمل كتابه، وأوجب عليهم تجويده والعمل بما فيه، وأجزل لهم العطاء والرضوان على ذلك سبحانه من إله كريم وهاب فضل أهل القرآن على من سواهم.
وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة نتخلص بها من النزعات، ونعلو بها أرقى الدرجات، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، القائل: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (١).
اللهم صلّ عليه وعلى آله وصحبه، الذين حفظوا القرآن، وحافظوا عليه، وجودوه، وتدبروا معانيه، وعملوا بما فيه من أحكام، وتخلقوا بما فيه من آداب، فرضي الله عنهم، ورضوا عنه أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة: ٢٢] أما بعد ..
فإن أفضل ما يشغل الإنسان به جوارحه كتاب الله الكريم، من حفظه وتجويده وتدبر معانيه، والعمل بما فيه، ليكون بذلك من أهل السعادة في الدارين.
قال رسول الله ﷺ: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما، ويضع به آخرين» (٢) وهذه رفعة الدنيا في التمسك به والانقياد لأحكامه.
وقال ﵊: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة» (٣).
_________
(١) متفق عليه.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه البخاري.
1 / 13
وهذه رفعة الآخرة، فقد جمع القرآن بين سعادة الدارين.
هذا الكتاب:
يبحث في علم القراءات، وهو علم يتعلق بالقرآن الكريم، وعنوان الكتاب «مباحث في علم القراءات مع بيان أصول رواية حفص».
جمعت فيه الألفاظ والكلمات التي انفرد بها حفص عن عاصم، وقرأها وحده ولم يتفق معه راو أو قارئ في قراءته لها، كما ضمنته تعريفا بعلم القراءات، وخصصت رواية حفص ببيان أصولها.
والسبب في ذلك أن (رواية) حفص انتشرت انتشارا واسعا في أصقاع العالم، ولم يعد عامة المسلمين وكثير من خاصتهم يعرفون غيرها.
فأردت أن أبين لإخواني أن هذه القراءة المنتشرة، والتي يقرءون بها اختلفت في كثير من الكلمات والألفاظ عن كل القراءات والروايات، بل إن حفصا اختلف مع قرينه شعبة، وكلاهما تلقى القراءة عن إمام واحد هو الإمام عاصم الكوفي.
وفي الحقيقة إن قراءات وروايات القرآن الكريم كانت منتشرة في عالمنا الإسلامي، وكان التلاميذ الصغار يتلقون هذه القراءات عند مشايخهم بأسانيد متصلة إلى رسول الله ﷺ ويحصلون على إجازات في هذه القراءات.
«وكانت قراءة عامة المصريين منذ الفتح الإسلامي إلى أواخر القرن الخامس الهجري على طريقة أهل المدينة المنورة سيما التي رواها ورش المصري عن نافع القارئ المدني، ثم اشتهر بعدها بينهم قراءة أبي عمرو البصري، واستمر العمل عليها قراءة وكتابة في مصاحفهم إلى منتصف القرن الثاني عشر الهجري، ثم
1 / 14
حلت محلها قراءة عاصم بن أبي النجود الكوفي» (١).
وكان أهل السودان يقرءون برواية الدوري عن أبي عمرو البصري وقد طبع في السودان مصحف خاص بهذه الرواية، وفي ليبيا يقرءون برواية قالون عن نافع المدني، ولديهم كذلك مصحف مطبوع بهذه الرواية.
ولا يزال أهل بلاد المغرب العربي يقرءون برواية ورش عن نافع المدني، وهي القراءة التي لا يعرف أهل موريتانيا غيرها، وقد قام مجمع الملك فهد في المدينة المنورة بطباعة مصحف خاص برواية ورش عن نافع، وتوجد تسجيلات صوتية تخص هذه الرواية لمشاهير قرائنا، وأشهرها:
تسجيل الشيخ محمود خليل الحصري، وتسجيل الشيخ محمد صديق المنشاوي لكامل المصحف.
وحينما أنعم الله عليّ بتلقي القراءات السبع على يد مشايخ أفاضل علمت عظم هذا العلم، وعلمت كذلك فائدته الجليلة في خدمة كتاب الله تعالى، كما علمت السر في نزول القرآن هكذا، وذلك ليتحقق الغرض الإلهي من التعبد بتلاوته، حيث إنه يصعب جمع ألسنة الناس مع تباينها على قراءة واحدة، وصدق ربنا ﵎: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: ١٧] وربما اطلع على هذا الكتاب عدد من المسلمين فعرفوا وأفادوا منه شيئا في انفراد حفص (صاحب القراءة المشهورة) عن غيره من الرواة والقراء، في قراءة بعض الألفاظ والكلمات، فكان ذلك حافزا لطلب هذا العلم وإنعام الدراسة خدمة لكتاب الله وحفاظا على ميراث رسول الله ﷺ.
وفقنا الله لحفظ كتابه والعمل بما فيه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه/ أبو معاذ محمد عباس الباز حاصل علي إجازة في القراءات السبع
_________
(١) مقتبس من كتاب الإضاءة للشيخ الضباع.
1 / 15
مكانة القرآن وأهمية حفظه
أولا: فضل القرآن الكريم:
القرآن الكريم هو كلام الله المبين، المنزل على الصادق الأمين، ليرشد الأمة ويدلها على خيري الدارين، ويقودها إلى السعادة الأبدية.
وقد نقل القرآن إلينا نقلا متواترا عن جبريل أمين الوحي عن رسول الله ﷺ عن صحابته الكرام عن التابعين وأئمة القراءة، حتى وصل إلينا كما أنزله الله على رسوله الكريم. إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩].
والقرآن الكريم هو الحبل الذي يصل السماء بالأرض، فمتى أوصلت الأمة خيوط هذا الحبل وشدتها وقوت من حبكها، انعكس ذلك على أوضاعها.
القرآن الكريم قاموس اللغة العربية، وسر بقائها، وهو قانون الشريعة الإسلامية، ودستور قيام الدول العادلة الناهضة.
لقد كان القرآن وما يزال نورا يضيء القلوب والعقول، وما نبغ علماء الإسلام السابقون إلا بنبوغهم في القرآن الكريم لأنه مفتاح العقول.
ولقد شاهدت- بحكم عملي في مجال التربية والتدريس- طلابا يهتمون بحفظ القرآن الكريم، وآخرين لا يعنون بتلاوته فضلا عن حفظه، فكان الذين يحفظون أوائل مدارسهم، والتحقوا بأوائل الكليات، وقابلت منهم القاضي والطبيب، والمهندس، والمترجم، فقلت في نفسي: صدقت يا ربنا حيث قلت: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ [آل عمران: ١٩٠]، أي أصحاب العقول.
1 / 16
وقد أحسن الإمام الشاطبي حين أشار إلى ذكاء قراء القرآن الكريم فقال:
وما كان ذا ضد فإني بضده ... غني فزاحم بالذكاء لتفضلا (١)
١ - القرآن بشارة: في الدنيا والآخرة. قال تعالى: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: ٨٩].
٢ - القرآن نور: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ
[المائدة: ١٥، ١٦].
٣ - القرآن علو ورقي: عن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ أن رسول الله ﷺ قال: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» (٢).
فمن أراد من الجنة أعلاها وأرقاها فليرتل دائما القرآن الكريم.
٤ - القرآن شفيع: قال رسول الله ﷺ: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه» (٣).
وعن النواس بن سمعان ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما» (٤) ومعنى تحاجان: أي تدافعان. وذلك من صور الشفاعة.
_________
(١) متن الشاطبية.
(٢) رواه الترمذي وأبو داود وأحمد في مسنده.
(٣) رواه مسلم.
(٤) رواه مسلم.
1 / 17
٥ - القرآن عمار: عن عبد الله بن عباس ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» (١).
٦ - القرآن يجمع لصاحبه سلامة الباطن وحسن الظاهر: عن أبي موسى الأشعري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة: ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: لا ريح لها وطعمها مر» (٢) فانظر إلى المؤمن كيف حكم له الرسول ﷺ بسلامة الباطن وحسن الظاهر مثل الأترجة وذلك بقراءة القرآن.
٧ - حامل القرآن يظفر بصحبة الملائكة: عن أم المؤمنين عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران» (٣).
٨ - حامل القرآن يلبس والداه تاجا يوم القيامة: قال رسول الله ﷺ:
«من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا» (٤).
وإلى هذا المعنى أشار الإمام الشاطبي بقوله:
فيا أيها القاري به متمسكا ... مجلّا له في كل حال مبجلا
_________
(١) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
(٢) متفق عليه.
(٣) متفق عليه.
(٤) رواه أبو داود.
1 / 18
هنيئا مريئا والداك عليهما ... ملابس أنوار من التاج والحلى (١)
٩ - القرآن ينير قبر صاحبه: وإلى هذا يشير الإمام الشاطبي بقوله:
وحيث الفتى يرتاع في ظلماته ... من القبر يلقاه سنا متهللا
والمعنى: «إذا كان قارئ القرآن يخشى من أعماله السيئة المظلمة أو من ظلمات القبر فإن القرآن يلقاه مشرقا باسم الوجه، فيأنس به ويتبدل خوفه أمنا وطمأنينة» (٢).
ثانيا: فضل تلاوة القرآن الكريم:
إن تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه من أجلّ العبادات وأعظم القربات إلى رب البريات، خالق الأرض والسموات.
وقد أمرنا الله ﷿ بقراءة القرآن فقال: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل: ٢٠].
كما أمرنا ربنا بتدبر آياته فقال: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: ٢٩].
كما أن الذين يداومون على تلاوة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار هم أصحاب التجارة الرابحة التي لا تخسر أبدا ولا تبور قطعا. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر: ٢٩، ٣٠].
وقد أشار النبي ﷺ إلى عظيم ثواب من يقرأ حرفا من كتاب الله تعالى. فعن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من قرأ حرفا من
_________
(١) متن حرز الأماني ووجه التهاني للشاطبي.
(٢) الوافي في شرح الشاطبية.
1 / 19
كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» (١).
والقرآن خير جليس يأنس إليه العبد، كما أن الذي يحب القرآن وتلاوته، يظفر بحب الله ورسوله. قال عبد الله بن مسعود ﵁: «من أحب أن يحبه الله ورسوله فلينظر: فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله».
وإلى هذا يشير الإمام الشاطبي حيث يقول عن القرآن الكريم:
وإنّ كتاب الله أوثق شافع ... وأغنى غناء واهبا متفضلا
وخير جليس لا يمل حديثه ... وترداده يزداد فيه تجملا
ثالثا: أهمية تعلم القرآن وتعليمه:
إن الاشتغال بالعلم والتعليم هو أشرف عمل في هذه الحياة، فما كان الأنبياء إلا معلمين، وأفضل العلوم علوم الدين، وأفضل علوم الدين ما كان متعلقا بكتاب الله جل وعلا، وأفضل ما يتعلق بكتاب الله حسن تلاوته وإتقان قراءته، وضبط حروفه. لهذا قال النبي ﷺ: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (٢).
فهنيئا لمشايخ الكتّاب، ومحفظي القرآن الكريم، هنيئا لهم هذا الشرف العظيم، وهذه الخيرية بالشهادة النبوية.
ومعلمو القرآن الكريم يجب أن يفخروا على الناس كلهم، فإن كان الناس يفخرون بأموالهم وأحسابهم وأهليهم، فإن أهل القرآن أحق بالفخر لأنهم أهل الله وخاصته القريبة كأقرب ما تكون.
قال رسول الله ﷺ فيما رواه أنس بن مالك: «إن لله أهلين من الناس، فقيل:
من أهل الله فيهم؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته» (٣).
_________
(١) متفق عليه.
(٢) متفق عليه.
(٣) متفق عليه.
1 / 20
القواعد الذهبية لحفظ القرآن الكريم
لما كان حامل القرآن الكريم يحظى بشرف عظيم، كان لزاما على من أراد أن يحظى بهذا الشرف أن يعرف القواعد الذهبية في حفظ وضبط وإتقان القرآن الكريم، وقد ذكر حملة القرآن الكريم عدة قواعد في الحفظ والضبط، أخذت من تجارب الحفاظ، ودعمت بالآيات والأحاديث. وهذه القواعد بإيجاز كما يلي:
١ - الإخلاص:
وهو لازم من لوازم أي عمل يتقرب به إلى الله. قال تعالى: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ [الزمر: ١١].
وإذا كان الأمر بإخلاص العبادة لله في كل شئون المسلم، فإن هذا الأمر يتأكد ويتعين على حفظة القرآن الكريم، لأنهم أمناء على رسالة الوحي الخالدة، كما أنهم لا يبتغون على حفظهم أجرا ولا جزاء من أحد، لذلك جاء الوعيد الشديد في حديث: «أول ثلاثة تسعر بهم النار» (١). فجاء أولهم قارئ القرآن الذي قرأه وعلمه ليقال عنه: إنه قارئ.
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ فيما رواه عن رب العزة: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» (٢).
_________
(١) متفق عليه.
(٢) متفق عليه.
1 / 21
٢ - تصحيح النطق:
ويكون ذلك بالقراءة على المشايخ، والتلقي منهم مشافهة، ولا يصلح لتلقي القرآن الكريم، وضبط قراءته، الاستماع من شريط أو من أي آلة، ولكن لا بد من العرض على
القراء وأهل الأداء.
وهذه الطريقة اتبعها الرسول ﷺ وهو أفصح من خلق الله- في تلقي القرآن الكريم، حيث إنه كان يتلقاه من أمين الوحي جبريل ﵇، كما أنه كان يعرض القرآن على جبريل، يعني يقرأ ويسمع جبريل، وهذا تمام التأكد على وصول الرسالة مؤداة على الوجه الأتم الأكمل.
فقد كان الرسول ﷺ يعرض القرآن على جبريل مرة في كل سنة، فلما كان العام الذي توفي فيه ﵊ عرضه مرتين زيادة في الاطمئنان والضبط والإتقان.
وقد جربت هذا في التلقي عن علماء القراءات، فكنت كلما قرأت ختمة جديدة على أحدهم، ازددت ضبطا وإتقانا، فكانت ملاحظاتهم- حفظهم الله- تجدد عليّ نفعا وفائدة في كل ختمة.
وأذكر عن شيخي وأستاذي فضيلة الشيخ/ سعيد علي حماد أنه كان يسافر إلى أساتذته ليضبط حرفا أو كلمة، وذات مرة التبس عليه الأمر في قراءة الكلمة من سورة القصص «اتبعكما» في قوله تعالى: قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ [القصص: ٣٥].
فسافر الشيخ سعيد إلى المدينة المنورة، والتقى بفضيلة الشيخ الدكتور/ إيهاب فكري وصحح عليه قراءة هذه الكلمة.
1 / 22
وتلقي القرآن من أهله وعلمائه، وعرضه عليهم هي الطريقة التي علّم بها الرسول ﷺ صحابته الكرام، فكان يقرأ عليهم، ويقرءون عليه. وحديث عبد الله بن مسعود في السنة الصحيحة يبين ذلك، حينما طلب منه الرسول ﷺ أن يقرأ عليه، فقال ابن مسعود متعجبا: أأقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال له الأمين ﷺ: «إنني أحب أن أسمعه من غيري» إنها الأمانة العظيمة، والحرص البالغ للتأكد من أن الصحابة يقرءون القرآن كما أنزل على رسول الله ﷺ وكان حرص الصحابة شديدا على تعليم التابعين، وحرص التابعون كذلك على تعليم من بعدهم، وهكذا، حتى وصل القرآن إلينا بهذه الطريقة- التلقي بسند متصل إلى رسول الله ﷺ ولله الحمد. وفي زماننا هذا، ما تزال هذه الطريقة موجودة معروفة عند أهل القرآن، وما تزال الإجازات تعطى من قبل المشايخ لطلابهم بسند متصل إلى رسول الله ﷺ.
ومهما بلغ تمكن المسلم وتفوقه في اللغة العربية، فلا بد له من تلقي القرآن بهذه الطريقة، فقد كان العرب الأوائل- وهم أفصح منا- لا شك في ذلك بل إننا لم نعد عربا بألسنتنا، لقد كانوا وهم أهل اللغة وأربابها لا يعرفون في تعلم القرآن غير هذه الطريقة (طريقة العرض والتلقي).
ورب قائل يقول: وأين المشايخ وأهل القرآن؟ وكيف أصل إليهم؟
والجواب على ذلك: إنهم موجودون، فلا تخلو بلدة، ولا قرية من كتّاب ومحفظ، ومعاهد القرآن منتشرة، وحلقات التدريس في المساجد قائمة، كما أنك لن تعدم صديقا أو زميلا يحسن ويجيد التلاوة فتقرأ وتتعلم معه، من سلك وسأل عرف، ومن عرف وصل.
1 / 23
٣ - تحديد كمية الحفظ:
إن لكل إنسان طاقة، وكل إنسان يختلف عن غيره في الذاكرة، ومن الخطأ أن يحمل الإنسان نفسه فوق طاقتها، لأن لذلك أضرارا منها:
(أ) عدم ضبط ما يحفظ.
(ب) بذل جهد فوق طاقة الإنسان.
(ج) عدم القدرة على السير والمواصلة والاستمرار.
والله تعالى أرشدنا إلى ذلك في كتابه فقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها [البقرة: ٢٨٦]. وقال سبحانه: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطلاق: ٧]: ونهى الرسول ﷺ عن ذلك: «لا تعملوا من الأعمال إلا ما تطيقون».
فمن أراد حفظ القرآن الكريم فهو أعلم بطاقته، ووقته، فيرتب في ذهنه زمنا معينا لحفظ القرآن الكريم، ويضع خطة عريضة، تشمل الشهر والأسبوع واليوم، فيلتزم بها، وليعلم أن التكرار لازم للحفظ، وليحرص على الحفظ بنغمة يحبها حتى لا يمل من التكرار.
قال رسول الله ﷺ: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به» (١).
ويستحسن الترديد جهرا، فقد أثبتت الدراسات أنه كلما ازداد عدد الجوارح المشاركة في عملية التعلم، كان ذلك أدعى للحفظ والفهم.
٤ - اختيار الزمان والمكان المناسبين:
وهذا من الأهمية بمكان، ففي وقت الظهيرة واشتداد الحر يصعب الحفظ، كما يشق الحفظ إذا كان الإنسان مشغول الذهن، وأفضل أوقات الحفظ والوعي
_________
(١) متفق عليه.
1 / 24
وقت السحر، وبعد صلاة الصبح. «وأجود الأوقات للحفظ: الأسحار، وللبحث: الأبكار، وللكتابة: وسط النهار، وللمطالعة والمذاكرة: الليل» (١).
كما أن مكان الحفظ مهم جدّا، فلا يصلح مكان العمل مكانا للحفظ، ولا تصلح وسيلة المواصلات كذلك، كما أنه لا يصلح مكان يتجمع الناس فيه ليكون مكان حفظ، وأفضل
مكان هو المسجد، أو في الخلاء بين المزارع، أو في البر، ويحفظ الإنسان في بيته في غرفة خالية، بعيدا عن إزعاج أطفاله.
٥ - لا تنتقل لحفظ جديد حتى تضبط القديم:
إنك إذا انتقلت لحفظ جديد، دون أن تضبط القديم كما ينبغي، تشتت ذهنك، فلن تضبط جديدا ولا قديما، وكان القرآن في ذهنك مشوشا، وذلك لأن القلوب والعقول أوعية، ولكل وعاء قدر يحفظه، فلا تتجاوزنّ قدر وعائك.
وأوصيك بتكرار ما تحفظ في صلاة النوافل، وبخاصة قيام الليل، فقد أرشدني أخي وأستاذي الدكتور محمود عبد الملك إلى هذه الطريقة فقال لي: إذا حفظت شيئا فتهجد به في يوم حفظك، وادع الله أن يعيه عقلك وقلبك، ففعلت فأفدت كثيرا، بارك الله فيه.
٦ - حافظ على رسم واحد لمصحفك:
إذا بدأت الحفظ في مصحف له رسم معين، وعدد سطوره معروفة فلا تحفظ، ولا تقرأ في غيره، وذلك لأن عقل الإنسان يحفظ الجزء في مضمون كله؛ بمعنى: أن العقل يرسم الصفحة ويحدد موقع الكلمة فالعقل يحفظ الكلمة وهي الجزء في مضمون الكل وهي الصفحة.
وقد التقيت بإخوة حفظوا على طبعة معينة ذات أسطر محددة، وسافروا وتركوا مصاحفهم، ولم يجدوا في أماكن إقامتهم الجديدة مصاحف طبعتهم التي
_________
(١) صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل.
1 / 25
حفظوا عليها، فغيروا فتشتت الحفظ.
لذلك فإني أنصح إخواني باختيار طبعة منتشرة معروفة يسهل العثور عليها في أي مكان.
٧ - حافظ على ترابط السورة:
إن سور القرآن- خاصة الطوال منها- لها أحداث متسلسلة متتابعة، فاحرص على حفظ هذا التسلسل، واربط أحداث السورة ترابطا جيدا، فاعرف أول السورة وآخرها، واربط أولها بآخرها.
ومن طرائف اختبارات القرآن الكريم، ما يحكي عن فضيلة الشيخ محمود خليل الحصري يرحمه الله، أنه أمر طالبا بقوله: أكمل بعد قول الله تعالى:
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف: ٨٩] وهذه آخر آية في سورة الزخرف فأخذ الطالب يقلب ذهنه عن الآية بعدها.
ومن طرائف مشايخ الكتّاب أنهم يصلون آخر كل سورة بأول التي تليها وهذا غاية الضبط والإتقان.
فإن صعب عليك هذا الترابط فإن:
٨ - الفهم طريق الحفظ:
والمقصود بالفهم: الفهم العام لمضمون الآيات، وترتيب هذا الفهم في الذهن بحيث لا يختلط ولا يتداخل، ومما يعين على هذا الفهم التدبر الواعي للآيات. لذلك قال الله تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [محمد: ٢٤] فهذه الآية نص صريح يوضح أن التدبر والفهم يفتح القلوب والعقول فتحفظ.
فإذا عجزت بعد ذلك فإن:
٩ - التفسير معين ومساعد:
احرص على قراءة تفسير ولو بسيط وسهل للقرآن الكريم، وهناك تفاسير
1 / 26