Dood Cilmiyeed iyo Bulshadeed
مباحث علمية واجتماعية
Noocyada
إني أشكر لحضرة السيدة الفاضلة م. م الأولى على إطنابها في مدحي، وأوافقها على أن الرجل إذا كان يمتاز على المرأة بشدة البدن فالمرأة تمتاز عليه بجمالها واعتدال قوامها ولطف تركيبها وغضاضتها وبضاضتها. أقول وبذلك قوتها. وقد أشرت إلى هذه الامتيازات في مقالتي السابقة، خلافا لقولها إني أهملتها. ولا أخالفها في أن انبساط قدم المرأة وكونها تزر ثيابها عن اليسار خلافا للرجل مسألة مختلف في مدلولها، ولكني أنكر على حضرتها نسبتي إلى التحامل عليها والإجحاف بحقوقها، ولا أسلم معها بأمور ثلاثة، وهي؛ أولا: إنكارها كون بطء النمو دليلا على الارتقاء وسرعته دليلا على الانحطاط. ثانيا: قولها إن حواس المرأة أرقى من حواس الرجل. ثالثا: كون ثقل الدماغ ليس دليلا على كبر العقل.
أما كون بطء النمو وسرعته دليلين على الارتقاء والانحطاط فأمر مقرر، وإني أستغرب كيف أن حضرتها ترتاب فيه. ويكفينا للحكم فيه أن نلقي نظرنا إلى ما حولنا لنتأكد صحته في مواليد الطبيعة؛ النبات والحيوان حتى الجماد أيضا. ألا ترى سرعة نمو النباتات السافلة وبطء تكاثر الحيوانات العالية؟ ولا أوجه نظرها إلى الأحياء المكروسكوبية التي تتكاثر ملايين وتنمو، وتبلغ أشدها وتهرم وتموت في أقل من ساعة؛ فإن مراقبة هذه لا تتيسر إلا للخاصة، بل إلى الفرق بين النباتات المحولة كالأعشاب، والنباتات المعمرة كالأشجار مما تعرفه العامة، فأي فرق بينهما في سرعة نمو الأولى وبطء نمو الثانية؟ وما قيل عن النبات يقال أيضا عن الحيوان، وبه يعلل أيضا سرعة نمو البنات وبطء الصبيان؛ إذ لا يخفى أن البنات يسبقن الصبيان لغاية سن 15 سنة، ثم يقفن ويستمر الصبيان على النمو كما قلت في المقالة السابقة.
وأما كون حواس المرأة الخمس أدق من حواس الرجل فقول مبني على أدلة تشريحية وفزيولوجية مغلوطة، والذي أعلمه علم اليقين، بناء على ما هو مقرر في هذين العلمين، أنها دون حواس الرجل. ولنا على ذلك أيضا برهان آخر عملي، وهو امتياز الرجل على المرأة في جميع الأعمال التي تحتاج إلى ارتقاء هذه الحواس، حتى الأعمال الخاصة بالمرأة نفسها، كفن الخياطة والرسم وما شاكل. وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدم. فلو كانت حواس المرأة أرقى من حواس الرجل حقيقة لاقتضى أن تمتاز عليه في هذه الأعمال، بل في جميع الأعمال اليدوية والعقلية أيضا؛ لاحتياجها جميعها إلى الحواس الظاهرة التي هي أبواب العقل. على أن بناء هذه الحواس هو كبناء جميع المجموع العصبي، ولا يخفى أن هذا المجموع أرقى في الرجل منه في المرأة، ولا يعلم سوى أن المرأة أشد انعطافا من الرجل؛ أعني أن عصبها ينفعل أكثر من عصبه؛ لذلك كانت تتأثر أكثر منه. وشدة هذا التأثر العصبي ليس دليلا على شدة العصب، بل على ضعفه، كما لا يخفى على علماء الأمراض، فكون أعصاب المرأة ألطف تركيبا وأدق بنية شاهد عليها لا لها.
وأما مسألة العقل وارتباطه بحجم الدماغ فأمر مقرر، خلافا لما زعمت حضرتها، والنظر في هذه المسألة، كما في جميع المسائل، لا يصح الحكم فيه إلا بالنظر إلى الكل لا إلى الجزء، وإلا فهناك أسباب كثيرة يكون فيها كبر الدماغ مرضيا لا فزيولوجيا، فهذا لا يعول عليه، وهذا هو موضوع الخلاف في تلك المناقشة التي أشارت حضرتها إليها، والتي وهمت منها ما ظنته دليلا على الضد؛ فكبر الدماغ الفزيولوجي يرافقه دائما إتقان في نسيجه وارتقاء في بنائه. ومن المقرر المعلوم أن معدل ثقل الدماغ هو أقل في شعب سافل منه في شعب عال، وفي أقل الناس عقلا منه في أعقلهم، وفي النساء منه في الرجال، وغير ذلك نادر، والنادر لا يعتد به. ويوجد أيضا نظر آخر هو سبب هذا الوهم؛ فلا يخفى أن الدماغ لا يبقى حجمه ولا وزنه على معدل واحد في سائر أطوال الحياة. فذلك الجاهل البليد وذلك العالم الفيلسوف المتقد ذهنا في بعض أطوار حياته، أو في إبان صحته، قد يطرأ على دماغهما قبل موتهما أو في مرضهما ما يغير تركيبه، فإذا وزنته بعد موتهما وجدته إما كبيرا جدا خارقا للعادة، أو أصغر مما يلزم، فتحكم على أن القول بنسبة العقل إلى كبر الدماغ خطأ، ويكون الخطأ حقيقة في حكمك نفسه. وهذا هو سبب أكثر الخلاف في هذه المسألة، وإلا فلا خلاف إذا نظر فيها إلى الكل.
وأما ما ذكرته من فضائل المرأة، وأنها المعزية الحزين والمفرجة المكروب، والصابرة على مضض العيش ونغص الحياة، والراضية بمشاركة الرجل في سرائه وضرائه ... إلخ؛ فأوصاف نسبية، ولا تدل على شيء مما نحن بصدده، ويشترك الرجل فيها أكثر منها أحيانا، وقد تقدم الجواب عليها في الرد السابق، وهي لا تثبت لها إلا بالتهذيب الصحيح، وإلا فتنقلب فيها إلى ضد ذلك، وتكون المرأة حينئذ بلوى الرجل المكدرة صفوه، والمنغصة عيشه، والزائدة حزنه، والجالبة كربه والقاصفة عمره. فالذي يذكر لها تلك الصفات الحميدة ينبغي ألا يذهل فيها أيضا عن هذه الصفات الذميمة؛ أقول ذلك لا بقصد التحامل عليها، ولكن بقصد استيفاء الموضوع؛ لأننا في معرض نحاول فيه تقرير الحقائق، فكما أن المرأة المهذبة ملك كريم، هكذا المرأة الجاهلة شيطان ذميم، وما أحرى هذا القول أن ينبهنا جميعا إلى تربية المرأة، والاعتناء بتهذيبها تهذيبا صحيحا يزيد جمالها جمالا، لا تهذيبا مبهرجا يزيدها شرا ووبالا. (4)
إني أقول ردا على خطاب حضرة السيدة الفاضلة م. م الثانية إنه لم يلجئني ملجئ للتحامل على النساء، ولكني قصدت في مقالتي تقرير الواقع، ولا أنكر أن المنتصرين والمنتصرات ضدي كثار كما قالت، ولكني أقول إن الحق لا تهوله الكثرة؛ فكم فئة صغيرة غلبت فئة كبيرة بإذن الله. وإني أسلم معها بأن المرأة، على خفة عظمها ودقة عضلها، لا يوقفها عن الدفاع عن نفسها صلابة عظم الرجل وغلظ عضله؛ لأني لا أجهل أن لها سلاحا آخر غير سلاح القوة؛ هو سلاح الحيلة والدهاء.
سألت حضرتها ثلاث مسائل: (1) هل كانت المرأة في أول عهد الاجتماع مساوية للرجل؟ (2) هل هي في الحالة الحاضرة مساوية له؟ (3) هل تكون مساوية له في المستقبل؟ وأجابت على كل ذلك بالإيجاب، بل ربما توسمت فيها سبقا عليه أيضا. وأنا أوافقها في جوابها على السؤال الأول، وإن كنت أخالفها في التعليل الذي يصرفني عن بسطه هنا ضيق المقام، وأخالفها كل المخالفة في جوابها على السؤالين الأخيرين. أما كون المرأة مساوية للرجل في الحالة الحاضرة، فليس لها عليه دليل سوى قولها: «إن المرأة أقدر على أعمال الرجل مما هو على أعمالها؛ بناء على أن من النساء من نبغن في الطب والفقه وحسن الملك.» ولما كان الجواب على ذلك مستدركا في مقالتي السابقة بقولي: «لا تبعد أن تكون سيادتهن قد استتبت لهن لأسباب أخرى؛ إما لإرث ملوكي، وإما لنبوغ غير اعتيادي.» قالت حضرتها: «فنحن لا نقول الخلاف؛ لأننا نعلم أن الرجل منذ أتيح له وضع القوانين والشرائع، وتفضيل نفسه على المرأة، وهضم حقوقها وامتيازاتها؛ لم يعد يتهيأ لها تولي المناصب العظيمة.» فبم تجيب حضرتها يا ترى لو سألناها: «لماذا «أتيح له وضع القوانين والشرائع وتفضيل نفسه عليها ... إلخ»، ولم يتح لها ذلك؟» لا شك في أنها تجيب: «لأنه أقوى منها.» وبذلك تجيب أيضا لو قلنا لها عن طبيباتها وفقيهاتها «إنه لا يعلم أنهن سرن إلا على خطوات الرجال مقلدات غير مخترعات»، وعن مليكاتها «إنهن لم يحكمن حكمهن إلا بمساعدة الرجال»، ولا يحسن الملك بهن إلا إذا كن فيه صورة لا حقيقة، كما في ملكة أرقى الشعوب اليوم، وإلا فيسرن بالملك إلى الوبال، كما دلت عليه التواريخ. وأما قولها: «إن المرأة ستكون مساوية للرجل في المستقبل، بل أرقى منه.» فهذا لا دليل لها عليه، ومناقض لما علم من سنن ارتقاء الرجل والمرأة، حيث تقرر أن الأنثى أقوى من الذكر في الحيوانات السافلة، ومساوية له في الحيوانات المتوسطة، وأضعف منه في الحيوانات العالية، اللهم إلا أن تكون تخاف على الهيئة الاجتماعية في المستقبل من الانحطاط، فيتحقق قولها، ولا أظن أن حضرتها تعد لمستقبل الهيئة الاجتماعية مثل هذا الشر.
على أني أعجب غاية العجب من تحامل حضرات السيدات علي، وتوهمهن بي سوءا، وأنا لم أبخسهن شيئا من حقوقهن، بل بالضد من ذلك، بحثت في أمرهن بحثا طبيعيا لتقرير مقامهن في العمران، وهذا يعد انتصارا لهن لا تحاملا عليهن، أو ماذا يقلن (وهن لا يحتملن مني ذلك) في الشرائع التي يدن بها، والتي تجعلهن تحت الرجل بدركات، وتحظر عليهن أمورا كثيرة لا تحظرها على الرجل. أليست هي القائلة فيهن: «المرأة ضلع من الرجل، والرجل رأس المرأة.» حتى لا نأتي إلا بأخف ما قالت فيهن، أو ماذا يرغبن في مزاحمتهن الرجال، وطلبهن المساواة بهم، أيرغبن أن يشتغلن أشغالهم؛ فإن كان كذلك فلقد طالما جد الرجل وكد وسعى في طلب الرزق حتى كل ومل، والمرأة عائشة على نفقته مرتاحة من أتعابه، خالية من تجشم أهواله، فلتتفضل حضرتها إن كانت تجد من نفسها قوة وتجند منها الجند، وتؤلف العمال، وتشيد الأعمال، وتسعى وتجد وتكدح وتكد في طلب العيش؛ فقد آن لها أن تشتغل، وللرجل أن يستريح. فإن كانت تستطيع ذلك فلتقدم عليه، فيكون لها به أجر المحسنين، وإلا فلا تضيع الوقت الثمين في طلب المستحيل، ولترض بمركزها؛ فإنه ليس أقل أهمية من مركز الرجل. (5)
لقد طاب لي المقام وطال بي الكفاح والصدام في هذه الحرب مع السيدات، حتى صار الخروج منها إلى حرب ذوي لحى وشوارب
3
Bog aan la aqoon