Dood Cilmiyeed iyo Bulshadeed
مباحث علمية واجتماعية
Noocyada
هذا نظر في المسألة من حيث الأنواع، وإذا نظرنا إليها الآن من حيث الفروع البشرية ، أعني بالمقابلة بين الشعوب المختلفة، فنجد نفس النتيجة التي وجدناها في الأنواع؛ أعني أن المرأة تنحط عن الرجل كلما كان الإنسان أعرق في الحضارة والمدنية، وتساويه أو ترتفع عنه كلما كان أقرب إلى البداوة والخشونة جسديا وعقليا. وشهادات السياح التي تؤيد ذلك لا يحصيها عد، فنقتصر منها على ذكر اليسير فرارا من التطويل: حكى بستيان في رحلته أن نساء همج أفريقيا أشد من الرجال، وأنهن يسدن عليهم ويحاربن نظيرهم. وهن كذلك على شهادة مينرس في جزيرة كمشتكا وجزيرة جافا وفي بعض قبائل أمريكا الجنوبية وفي كوبا. وحكى فولي أن المرأة تسود على العائلة في بعض قبائل السود، حتى إنها تضرب الرجل.
وقال بروكا: «إن طول عظم الزند في الأسود بالنسبة إلى عظم العضد باعتبار طول العضد مائة؛ هو 79,43، وفي امرأته 79,35، والفرق ثمانية أجزاء من مائة جزء؛ وفي الأوروباوي 73,82، وفي امرأته 74,02، والفرق بينهما عشرون جزءا من مائة جزء. وعليه فالأوروباوي أعلى من امرأته أكثر من الأسود بالنسبة إلى امرأته السوداء، والفرق بين الجنسين في حجم المنكب هو في الشعوب المتمدنة أعظم منه في الشعوب المتوحشة، وهذا الفرق يقل كلما نزلنا من الأصول العليا إلى السفلى. والفرق بين الرجل والمرأة في القامة أقل في الشعوب السفلى منه في العليا، ومعدله بين الأوروباويين 86 مليمترا حسب تعديل كواتلت، و12 سنتيمترا حسب تعديل توبينار. وأما في الشعوب السافلة فهو أقل من ذلك جدا، وفي البوشمان والبتغون يكاد الجنسان لا يفرقان بالقامة.»
وأما الفرق في سعة الجمجمة بين المرأة والرجل فهو 37 سنتيمترا مكعبا من جانب الرجل لأهالي أستراليا (دفيس)، و59 لأهل الصين، و129 لأهالي كلدونيا الجديدة (بروكا)، و149 لقبائل الإسكيمو، و150 لعموم سكان فرنسا، و203 لسكان بريطانيا، و221 لسكان باريس، على قول بروكا. ورجحان هذا الفرق من جانب الرجل يكون أعظم كلما كان الشعب أرفع (هشك وبافيس). •••
وحكى بوشت أن النساء في السودان يشبهن الرجال في الصورة، وذكر غيره عن غيرهم ما يضاهي ذلك؛ مما يستفاد منه أن اختلاف الصورة الظاهرة بين الرجل والمرأة يكون أقل كلما كان الشعب أدنى. وما هو كائن اليوم في القبائل السافلة الحاضرة كان أيضا في القبائل السافلة الغابرة. ومما ذكره دلوني، دليلا على ذلك، أن بعض الشعوب في القديم كان النساء يحكمن عليهم كسميراميس وكليوبترا وزنوبيا ... إلخ. ونحن وإن كنا نعتقد صحة القاعدة، وهي أن تغلب الرجل على المرأة من ضروريات الارتقاء والضد بالضد، إنما لا نعتقد صحة الاستشهاد الذي أتي به عن الملكات المذكورات؛ لأنه لا يبعد أن تكون سيادتهن قد استتبت لهن لأسباب أخرى، إما لإرث ملوكي، وإما لنبوغ غير اعتيادي، وقيامهن بعبء الملك ليس دليلا قاطعا على أن كل نساء شعوبهن كن أرقى من رجالهم، وإلا لوجب أن نطلق هذا الحكم على ضيوفنا الذين تحكم عليهم ملكة وهم أرفع جدا من أن يوصفوا في المقام الذي يضعهم فيه هذا القول، بل هم أرفع من كل شعب آخر، وهم هم السابقون في مضمار الارتقاء البشري بلا منازع. وذكر ديودوروس أن رجال الصقالب ونساءهم في القديم كانوا متشابهين، وبخلاف ذلك اليونان والرومان؛ فإن الفرق بين الرجل والمرأة عندهم كان عظيما جدا جسديا وعقليا.
والغريب أن نساء الأجيال التي عاشت قبل التاريخ كانت نسبة سعة جمجمتهن أعظم منها في نساء اليوم. قال بروكما: «وهذا يظهر منه أن المرأة كانت في ذلك العهد تقاسم الرجل الأعمال أكثر منها في هذا العهد.» والخلاصة مما تقدم أن امتياز المرأة على الرجل قد يرى أحيانا في الشعوب السافلة الحاضرة والغابرة، ولكنه لا يرى البتة في الشعوب العالية، وإنما يرى فيهم عكس ذلك؛ أي امتياز الرجل على المرأة دائما. •••
ولنتقدم الآن إلى النظر في المسألة من حيث الأسنان، وهنا نجد أيضا نفس النتيجة التي وجدناها في الفروع والأنواع؛ أعني أن الإناث يمتزن على الذكور امتيازا إلى أجل في أول سني العمر، ثم يستتب الفوز بعد ذلك لهؤلاء. فقد ذكروا أن البنات يفقن الصبيان في الطول من سن 10 إلى 15 سنة، وبعض الأنثروبولوجيين زعموا أن البنت من سن 10 إلى 12 تكسب رطلا أكثر من الصبي في السنة، وأما بعد السنة السابعة عشرة فالإناث يقفن والذكور يستمرون على النمو. والحال كذلك أيضا في العقل؛ ففي المدارس التي يجتمع فيها الصبيان والبنات معا رأوا أن البنات لغاية سن اثنتي عشرة سنة يسبقن الصبيان ويفقنهم ذكاء، وأما بعد ذلك فالصبيان هم السابقون.
ويستفاد مما تقدم أن المرأة في النمو أسبق من الرجل جسديا وعقليا وأدبيا، وهذا ما حمل بعضهم على أن يظنها أعقل منه، وقد علل بوفون الطبيعي الفرنساوي إبطاء الرجال بقوله: «إن الرجال لما كانوا أكبر وأقوى من النساء، أعني لما كان بدنهم أشد وأعظم، وعظامهم أصلب، وعضلاتهم أقوى، ولحمهم أكنز مما في النساء؛ كان من الضروري أن يكون زمن نموهم أطول من زمن نموهن.» وقال كابنيس: «إن المرأة أسرع نموا وانحطاطا معا من الرجل، لا تلبث أن تشب حتى تهرم، وليس بين انتقالها من سن الصبا إلى سن الهرم فترة تذكر.»
والنمو السريع دليل على الانحطاط. ويرى، حسب مباحث دلوني، في جميع الإناث كما يمكن تحققه من النظر إلى سرعة نمو إناث الحيوانات الأهلية بالنسبة إلى ذكورها، وإنما كانت هذه السرعة في النمو التي ترى في الحيوانات وفروع البشر السفلى علامة انحطاط لأنه يعقبها وقوف النمو دائما. قال بخنر في كتابه الذي عربناه تحت عنوان «شرح بخنر»، صفحة 91، ما نصه: «إن في الطبيعة ناموسا عاما، وهو أن صغار الحيوانات والقرود والبشر الذين هم من أدنى جنسهم، يتشابهون أكثر من البالغين في تكوين الجمجمة وقابلية العقل، فإن صغار القرود خاصة يشبهون أطفال البشر جدا باستدارة جمجمتهم، ولا تتميز فيهم صفات القرد إلا مع السن، وحينئذ تظهر المباينة، فتبدو الانخفاضات والبروزات، والشكل الزاوي، وبروز الوجه عن الجمجمة. وكذلك يحصل في الأخلاق، فتزداد القرود شراسة وقساوة، ولا تذعن للتربية كلما زادت في السن. وهكذا أيضا أولاد السود كما يعلم من روايات يوثق بها؛ فإنهم يظهرون في المدارس ذكاء وقابلية للتهذيب لا مزيد عليهما، فإذا بلغوا أشدهم تخلقوا بأخلاقهم الوحشية، وخسروا كل ما اكتسبوه بالتعليم كأن لم يكن شيء من ذلك.» أعني أن الصفات الجسدية والعقلية تكون مشتركة بين صغار الأنواع والفروع في أول سني الحياة، ثم تتباين فيهم بمقدار تباين الأنواع والفروع نفسها، فيقف نمو بعضها السافل أو يسير في خطته، ويستمر نمو البعض الآخر المرتقي. والوقوف علامة انحطاط، واستمرار النمو علامة ارتقاء. •••
وفي الجملة، فمعظم الفرق بين الرجل والمرأة يكون في الكهولة، أي عند منتهى النمو، وأقله في سن الصبوة والشيخوخة، سواء نظرنا إلى البدن كله أو إلى عضو من أعضائه؛ فإنه لا يوجد فرق ما بين الذكر والأنثى في الحياة الجنينية، ثم يكون الفرق قليلا عند الولادة، ويبلغ معظمه في الكهولة، ثم يتناقض في الشيخوخة.
فالطفل يكون أطول من الطفلة عندما يولدان بسنتيمتر واحد، فإذا بلغا منتهى النمو، أي متى صار هو رجلا وهي امرأة، زادها بستة وثمانين مليمترا حسب تعديل بعضهم (كواتلت)، وباثني عشر سنتيمترا حسب تعديل غيره (توبينار)، ثم يميلان للتساوي بعد ذلك؛ لأن الرجل يقصر أكثر من المرأة.
Bog aan la aqoon