Dood Cilmiyeed iyo Bulshadeed
مباحث علمية واجتماعية
Noocyada
4
بواخرها في البحر، وأغرقت بسنديلتها في البر، فالبواخر في البحر معرضة للحيتان، والأرض في البر معرضة للطغيان، ويقال أن ستبقى راية مصر تخفق في البواخر فوق راية الإنكليز، كطربوش صاحب المؤيد فوق قبعة القبطان.
5
وأما كرههم فحقيقي أيضا، وله سببان: الأول طبيعي؛ فهم دخلاء في البلاد، والدخيل لا يحب ولو جلس في أخريات الناس، فكيف به إذا جلس في صدر البيت؟ على أن هذا السبب ليس بالجوهري؛ فهو غالبا يزول إذا رأى أهل البيت في الدخيل كفاءة وامتيازا، وأنسوا منه حسن معاملة وصلاح حال. والسبب الثاني، وهو سبب هذا الكره الحقيقي، عتو بعض أفراد الإنكليز، وصلفهم واستبدادهم وتغطرسهم، وإساءتهم إلى الذين تربطهم بهم روابط المصلحة في دوائر الحكومة. فالحق يقال إنه يوجد بين هؤلاء الأفراد من لو شد إلى قرن لم يقو عليه ... اثنان. على أنه كما يوجد فيهم عتاة يوجد فيهم أيضا من لو وضعته على جرح لكان كالبلسم كما في كل أمة، وقد تعود الناس إذا رأوا إساءة من فرد أن يطعنوا على هذا الفرد بالطعن على جنسه، حتى يظن الذين يسمعونه أن كل أبناء جنسه من طرزه، فيتوهمون أن أعمال هذا الفرد المغايرة تنطبق على سياسة حكومته ورغائب أمته. وهو خطأ؛ فإن حكومة الإنكليز وأمتهم لا ترضيان عن سلوك مثل هذا الفرد لو علمتا به. والذي يزيد عتو هؤلاء الأفراد الذين هم على أمتهم شر من الأعداء جبن مرءوسيهم، وانقيادهم لتحكمهم حتى يتمادوا في احتقارهم. وعندنا أدلة كثيرة على أن اللورد كرومر لا يسمح باهتضام الحقوق إلى هذا الحد، ويكون جذلا مسرورا إذا كان الناس يرفعون إليه شكاويهم، ولا شك أنه ينيلهم حقهم إذا كانوا محقين. فلو جرى الناس والجرائد على هذه الخطة عوضا عن الطعن العام الذي يوغر الصدور لخدموا الأمتين؛ أمة الإنكليز لأنها تعلم مكان الضعف فتداويه، والأمة المصرية لحصولها مع الإصلاح العام على احترام الحقوق الشخصية. فتقوى روابط الألفة بين الأمتين. وانقياد فرد لفرد وأمة لأمة قضاء طبيعي؛ فالمجاملة والحالة هذه خير من المخاصمة العقيمة؛ فقد قال إمام الشعراء:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
عدوا له ما من صداقته بد
6
أم أتكلم في موضوع «كثرة الوفاق نفاق»، هؤلاء يقولون إن الإنكليز كل أعمالهم سيئات، وأولئك لا يرون لهم إلا حسنات. ومهما حاول كل من الفريقين تأييد رأيه فلا نظن أن ذلك ينطبق على الواقع، والعقل لا يسلم بإمكانه، فتقع الريبة، وتسوء الخدمة التي يتوخاها كل واحد من خطته. ونعني بهذه الخدمة الخدمة العمومية. وقد لا نشك نحن بأن كلا من الفريقين قد يكون مخلصا في دعواه، ولكن زيادة التحمس كثيرا ما تؤدي إلى تجسيم الوهم على حد قوله:
وهمناك أن تعطي فلو لم تجد لنا
لخلناك قد أعطيت من شدة الوهم
Bog aan la aqoon