فأصدر الخاقان القابض على البلاد الأمر بتعيين جمعا إلى قم عن طريق مشك آباد فراهان، حيث إنه من الممكن فى أثناء المصادفة أن يلجأ حينئذ من وجه المصادقة إلى عتبة البقعة الطاهرة [ص 80]، وهو المراد والتوقيت، فلا يعزم إلى ناحية أخرى، ويردونه، وأخذ موكب الهمايون فى التحرك كحملات الموج إلى منزل" محلات"، وفى ذلك المكان تحقق بأن حسين قلى خان تصادم بالمكلفين على أمره، فرأى أن رقعة أمره منحصرة فى التوسل إلى الذيل الطاهر للبقعة الطيبة ل" خواجه لولاك" «1»، واختار مقامه فى ظل تلك القبة فلك الرواق، وفى اليوم التالى رفع الشهريار ذو النجم العالى راية العزيمة إلى ناحية دار المؤمنين قم، وفى أواخر شهر ربيع الآخر ظهرت ساحة قم كالمنزل الفيروزى بسبب إقامة الخيام المظفرة فيها، وعندما عزم على الزيارة وضع رأسه وجسده كله على التراب، وأتى الأمير محمد تقى ميرزا مستفيدا من تقبيل يد الشهريار باسط المحبة، وألقى حسين قلى خان سيف العجز على رقبته وارتمى إلى ذيل العفو الكسروى المحطم للعدو، ولمس جبين المعذرة بالتراب، وطلب العذر بدموع كثيرة وسكب الدموع المفعمة بالدماء على وجهه وعلى ذيل الشهريار الذى شعاره العدل، فأخذ عرق حمية الإخوة فى التحرك، ورفع رأسه بيد المرحمة من التراب ورفعها إلى أوج الأفلاك وصار حسين قلى خان وبناء على طلبه وتمنى بلقيس [والدة فتح على شاه] مهد العزة ومريم عهد العفة وبحكم كسرى كعبة المحبة- مقيما فى دار الأمان قم، وقضى أوقاته فى الزيارة والعبادة.
وبعد يوم واحد، انجذبت أعلام النصر ناحية مكان العرش، وصار عدة أشخاص من حقراء (طائفة) بيرانوند وغيرها- الذين كانوا أساس الفتنة- أسرى كمين الجيش المقيد للعدو، وبحكم ملك الملوك العزيز وصل بعضهم بعين الحسرة إلى العالم المفتوح وأعضاؤهم ممثل بها، وبعضهم فى أعلى قمم المنارات، وذلك جزاء لهم، فاستراحت الدنيا من الفتنة.
ولما جلس حسين قلى خان فترة فى قم، أغلق طريق زيارة تلك التربة على المجاورين، وبسبب إيذائه وأحواله غير المناسبة وصلت روح أهل دار الأمان إلى اللب، فصار حكم القدرالعادل نافذا فى تظلم الحاضرين والزائرين، وأحضروه إلى دار السلطنة طهران، وحبس فترة فى قصر النواب إبراهيم خان، وفى النهاية، وبمقتضى الرأى الرزين والفكر المبين [ص 81] للشهريار العادل حوصر فى محل من قرى شميران، وجاء خندقه وبرجه معكوسا ومحروسا عن رؤية الدنيا كأعماله، وصارت مائدة نعم أيامه ولياليه جاهزة من الديوان الأعلى، وصار أنيسه سجادة العبادة وتلاوة المصحف المجيد والذكر والأوراد وادخار زاد المعاد، وقد وجد توفيق الخير بالقهر والجبر.
Bogga 112