وبمجرد القدوم إلى تلك الحدود، عين نائب السلطنة صادق خان القاجارى عز الدينلو لتأديب أهالى قرى" كوروس" الذين كانوا فى موضع التمرد والعصيان، وجعل أشرف خان الدماوندى وعلى خان نورى مع المجاهدين المشاة الراكبين ضمن أبواب جمع صادق خان، وقد أنزل الرجال المكلفون بالمتمردين التأديب اللائق، فأنزل صوت موكب النواب نائب السلطنة الرعب فى قلوب الروس والقراباغيين، فمن ناحية، رحلت طوائف قراباغ فوجا فوجا والذين كان من بينهم رعايا طائفتى كولانى ومغاويز، ومن ناحية أخرى تحرك الجنرال" خطاكوف" مع تجمع الروس والقراباغ حركة قاتلة وقدم إلى كوروس، وبعد حضورهم إليها، وبسبب أن الخوف والدهشة كانا غالبين ومستوليين عليه، فقد رأى أن وسيلة أمره منحصرة فى أن يعتمد على أكواخ كوروس وعلى القلعة والخندق الشديد الأحكام ويتحصن فيهم، وفر عدة من جنوده وقدموا إلى الحضور الفياض، وأقام نائب السلطنة أيضا عشرين يوما فى تلك الأطراف، وقد جعل الطائفة والرعية المطيعة المتوجهة بوجه الأمل إلى الدولة القاهرة موضع عطائه وإنعامه وإحسانه، أما المتمردون فقد أنزل بهم العقاب البالغ، فقد قدم على قتلهم وأسرهم وحرق محصولهم وبيوتهم، وفى ذلك الوقت كلف لثلاث مرات أيضا فوجا من الفرسان على ناحية كنجه، فكان الرجال المكلفون فى كل مرة يظهرون المساعى الشجاعة، وقد جلبوا من متمردى كنجه جميع الروس والغنيمة ورجعوا إلى نخجوان [ص 255] وإلى أن عزموا من هناك إلى إيروان، وجيش الدولتين مشغول بأمر الكرجستان.
وبالمصادفة، حضر فى يوم القدوم إلى نخجوان رسول من إيروان، فصار من المؤكد أن قائد عسكر الدولة العثمانية وقائد إيروان قد وضعا لقاءهما فى بداية حدود قارص وإيروان وكان قائد الجند [العثمانى] قد صار من تلك الناحية والقائد [الإيروانى] من هذه الناحية بطريقة لائقة إلى مكان تلاقيهما، وبالطريقة المعمول بها فى إيران والروم [الدولة العثمانية]، فإنهم فى أثناء الطريق، اصطف الخواص من الفرسان والمهرة أمام الجانبين وبدءوا فى التدريب على الهجوم وإطلاق البنادق وعلى أعمال الحرب، وفجأة وعلى حين غرة، اخترقت رصاصة بندقية منبت أذن قائد الجند والتى كان قد أطلقها أحد خواصه، فأخرجت معها أسنانه، وفقد وعيه، وحمله رفاقه إلى قارص، ورجع القائد [الإيروانى] أيضا إلى إيروان وهو فى غاية الأسف. وانطلق سهم القضاء كى ييسر لقاءهم بعد وضع أساس الأمور على النحو الذى كان مقررا ويتوجه الموكب العالى إلى إيروان ويتشرف قائد الجند (العثمانى) بشرف حضوره.
Bogga 296