ونتيجة لهذا، فإنه بمجرد عبور على خان القاجارى وأمان الله خان الأفشارى وفتح على خان نورى رئيس فرقة الحرس التى كانت حراسا للجيش من نهر أرس، لم يتمالك الچنرال نبالستين نفسه، وفر بجمعه بروح لا نفس فيها، فقابلهم فجأة الرجال المكلفون على بعد أربعة فراسخ من بلدة نخجوان، وشرع السيف اليمانى فى تبختره، وأوصلت المدافع والبنادق دخان شرارها ونيرانها إلى الفلك الدخانى فقتل جمع من زمرة الروس وأسر جمع أخر، وتوارت الشمس خلف ستارة الغروب، وألقى الروس برحلهم فى المكان نفسه، وتحصنوا وسط مركباتهم، وتوقف الرجال المكلفون أيضا بالقرب منهم، وكانوا فى انتظار تنفس الصبح الصادق، فأدرك الروس هذا المعنى والقصد، وفى أثناء الليل ولوا بوجههم من هناك إلى وادى الفرار ووصلوا بأنفسهم بألف مشقة إلى قرية" قرابابا" التى كانت موقعا للمعركة السابقة بين الفريقين، فأدرك النواب نائب السلطنة الروس فى ذلك المكان وأيقن الچنرال نبالستين بسبب مشاهدة هذا الحال بأنه إذا تقيد بالمركبات والأحمال والأثقال، فإنه لن يبقى أثر من وجود أبطاله الرجال فى لحظة واحدة، فأحرق مضطرا المركبات والأحمال وحتى البارود والذخيرة والمؤن والخبز، وصمم بأن يوصل الجنود كفوارس مجهزين حتى سيستان بقراباغ، وينقل جميع المدافع [ص 207] إلى الأمام ويتوقف الجنود على قمم الجبال، ويحرسون الطريق، حتى تصل المدافع إلى الأمان وعلى الرغم من ارتفاع هضبة وتل سيستان الواقعة تحت سيطرة الفارين والوديان الصعبة وقمم الجبال والتلال، حيث كان هجوم المشاة والفرسان صعبا [فإنهم] كانوا على مقربة من طريق الجنود. ومرة ثانية، كلف النواب نائب السلطنة كريم خان كنكرلو وجمعا آخر بمحاربة الروس ومقاتلتهم عن طريق" باريك" الذى كان فى وسط التل، وعين فرقة ملايرى وفوج الجنود على الجانب الأيمن من الطريق الجانبى لربما يسلكه الروس، فيترصدون الطريق عليهم، ونظرا لصعوبة الجبل ووعورة الصخور، فلم يكن فى المقدور عبور المشاة والفرسان بسبب ضيق الطريق، وكان الموكب المنصور خلفهم بأقل فاصل فكان يكلف رجاله بمراقبة المعركة، حتى دخل الليل، وتأخر الروس قليلا على تلك الهضبة وفى أثناء الليل فروا على عجل تام، ونزل الموكب المظفر فى منزل قرابابا.
وفى اليوم التالى، كلف أحمد خان مقدم من ناحية اليمين، وأخذ الموكب المنصور فى التحرك عن طريق" سلوارتى" بحيث يترصدونهم من الطريق المضلل، وفى تلك الحالة اشتدت إلى أقصى درجة ريح الشتاء وبردها، بحيث لم يستطع الرفاق رؤية وجه بعضهما بسبب هجوم الرياح الشديدة المتقلبة، وعلى النحو الذى كان، وصل المشاة والفرسان فى وقت راحة الروس، فقدموا على المعركة والقتال، وقتلوا بعضا من الروس وأسروا بعضهم، وفر البعض الأخر عندما رأوا أن الأمر قد ضاق عليهم، وقدموا إلى ركاب أثار النصرة، وانسحب الباقون من السيف أى الأحياء منهم إلى الجبال المرتفعة بأنفسهم فى أثناء الليل، وأوكل النواب نائب السلطنة إكمال أمرهم إلى صولة البرد وسورة الشتاء، وعزم على الرجوع، واستولى جيش ملجأ الظفر على غنيمة العدو، وعادت راية الفتح من هناك إلى قرابابا. وفى اليوم التالى، قدم [ولى العهد] إلى بلدة نخجوان، ونظم أمور وشئون تلك المنطقة فى يومين أو ثلاثة، وأمر الموكب المنصور بالتحرك من هناك، وقدم إلى دار السلطنة تبريز، وفى الطريق [ص 208] وصل إلى مقيمى الحضرة بأن كثيرا من الأحياء الفارين هلكوا فى طريق قراباغ وتفليس، وكل من بقى حيا، فقد أعجزت البرودة يد وقدم حيلته.
وأوصل النواب نائب السلطنة إلى عاكفى الجلالة التقرير المفصل بالأمور، فأمر الحضرة العلية الخاقانية فى مقابل هذه الجندية والفدائية، بافتخار ورفع رأس كل واحد من خادمى الأثر كل على قدر مراتبهم ودرجاتهم بالخلاع الفاخرة والإنعامات المتكاثرة، وقد صار هذا الإنعام والإحسان على الغلمان باعثا على تشجيع وتشويق الأخرين على بذل أرواحهم، وأمر بمنح مبالغ كبيرة لمستحقيها فى كل البلاد وخاصة فى بلاد أذربيچان شكرا على هذه المرحمة.
Bogga 251