والخلاصة، أنه فى هذه السنة المباركة الطالع ذهب علماء أذربيچان وفضلاؤها إلى المساجد والمنابر وأسسوا بناء الوعظ، ومن فوق المنابر وبصوت عال نددوا بسلوك تلك الطائفة مع المسلمين، وثقبوا جواهر الوعظ بمثقب طلاقة اللسان وفصاحة البيان فأثروا فى المستمعين وأنزجرت قلوب الغافلين، وأمسكت الغيرة الإسلامية بذيل جمع كبير بالإضافة إلى جماعة الجند والغلمان العاملين فى الخدمة [الأجراء] وصاروا راغبين ومتطوعين للجهاد. وأصبحوا منتظرين للحرب والجهاد بالأسلحة والمعدات الحربية بسبب الشحذ السابق لكى يقوموا بالجهاد فى الوقت الذى يصدر فيه الأمر والإشارة وحتى يظهروا ويبهروا جوهر ذاتهم. والآن فى جميع بلاد أذربيچان التقى فى كل مكان ما يقرب من مائة ألف مجاهد بالسلاح والعتاد والمؤن.
82 - بيان مخالفة إبراهيم خليل خان ومحاربة مقرب الحضرة
إسماعيل بك بأمر النواب ولى العهد مع الجيش القراباغى وتحرك راية ولى العهد من خلفه إلى قراباغ:
ولما كان قد تشرف بالنفاذ حكم القدر الآمر الصادر من منبع العز والجلال، [ص 147] بأن يعبر الأمير الفريد نهر آرس، وأن يقطع غبار الصحراء الثائر بالجمل القوى السريع، وبأن يجعل تراب تلك الديار فى مهب الريح، وبأن يذيق إبراهيم خليل خان جوان شير- الذى كان قد حطم عدة أحجار على رأس جاه الاستكبار بالعداوة وكان غراب الغرور قد باض فى عش دماغه- سم العناء من كأس السطوة والقهر، وبأنه لو أشاح بوجهه عن مسئولى الدولة القوية الأساس بسبب عناده وعدم نخوته ولجاجه وكان ثانية وكما كان، يمتطى دابة الجهل ويطلب الاستعانة من الروس، فيكون مهيأ للحرب ومستعدا للطعن والضرب فى تلك الأقاليم، وبأن يصوب شهب رصاص البنادق ويشعل صواعق السهام والسيوف على تلك الشرذمة القليلة المطوية فى أدراج الرياح.
Bogga 190