Maathir Abrar
مآثر الأبرار
Noocyada
وأشهد الله أن الحق دينهم
وأنهم صفوة الباري من البشر هو أبو عبد الله، وقيل: أبو طالب يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب- عليهم السلام-، كان مثل أبيه في الشجاعة، وقوة القلب في مبارزة الأقران، وله مقامات مشهورة بخراسان مدة ظهوره بها في حروبه لما استشهد أبوه خرج من الكوفة متنكرا مستترا مع جماعة من أصحابه فدخل خراسان، ونزل على الحرش بن عبد الرحمن الشيباني، فكتب يوسف بن عمر إلى نصر بن سيار يطلبه، فكتب إلى عامله عقيل بن معقل الليثي فطلبه ببلخ، فذكر له أنه في دار الحرش، فطالبه بتسليمه فأنكر أن يكون عالما به؛ فضرب ستمائة سوط فلم يعترف، فقال: والله، لا أرفع السوط عنك حتى تسلمه أو تموت، فقال حرش -رحمه الله-: والله لو كان تحت قدمي هاتين لا رفعتهما فاصنع ما بدا لك، فلما خشي ابن الحرش على أبيه دس إليه بأنه يدله عليه إن أفرج عن أبيه فدل عليه [وأخذ] وحمل إلى نصر بن سيار، [فقيده وحبسه] وكتب بخبره إلى يوسف بن عمر، فكتب يوسف إلى الوليد، فأمر الوليد: أن افرج عنه، واترك التعرض له ولأصحابه، فكتب يوسف إلى نصر بما أمر به الوليد، فدعاه نصر، وحل قيده، وقال له: لا تثر الفتنة، فقال: وهل في أمة محمد أعظم من فتنتكم في سفك الدماء، والشروع فيما لستم له بأهل؟ فسكت نصر وخلى سبيله، فخرج من عنده وجاء إلى بيهق وأظهر الدعوة هنالك فبايعه فيها سبعون رجلا؛ فاجتمع على حربه زهاء عشرة آلاف قائدهم سلم بن أحور عن رأي نصر بن سيار، فخرج عليهم يحيى فقاتلهم وهزمهم، ثم اجتمع عليه بقية العسكر والجيش، فقاتلهم ثلاثة أيام ولياليها أشد قتال حتى قتل أصحابه، وأتته نشابة في جبهته، ثم حزوا رأسه، وحملوه إلى مروان في رواية (الحدائق) وقال الحاكم في (شرح العيون) : إلى الوليد، وهو المعارض له وكان قتله في شهر رمضان عشية الجمعة سنة ست وعشرين[ومائة] وقيل: سنة خمس وصلب بدنه -عليه السلام- على مدينة الجوزجان، وسنه إذ ذلك ثمان وعشرون سنة، وعرض عليه أن يتزوج، فقال: هيهات!! وأبو الحسين مصلوب بكناسة الكوفة، ولم أطلب بثأره، وكان -عليه السلام- ينشد:
يا ابن زيد أليس قد قال زيد
من أحب الحياة عاش ذليلا
كن كزيد وأنت مهجة زيد
تتخذ في الجنان ظلا ظليلا
يشير إلى قول أبيه لما خرج من عند هشام: من أحب البقاء استدثر الذل إلى الفناء.
[و] روى الإمام المنصور بالله -عليه السلام-: أن قاتل يحيى [بن زيد] كان قد رأى في منامه[قبل قتله ليحيى -عليه السلام-] أنه رمى نبيا فقتله، فلما أصبح أخبر بذلك من أخبره ثم غل يده إلى عنقه، وأقام كذلك مدة من الزمان حتى خرج يحيى -عليه السلام-، واجتمعت الجنود[الأموية] الطالبة لحربه، فقال له بعضهم: قد قام هذا الخارجي ولا غنى لنا عن رميك، فاخرج معنا فإذا انقضت الحرب عدت بحالك [فخرج] فكان هو القاتل ليحيى -عليه السلام- ولا عقب له.
Bogga 289