وقوله: لا يفتين أحد في المسجد، وعلي حاضر، فقد عرف بهذا الوجه أيضا انتهاء الفقه إليه، وقد روت العامة والخاصة قوله : ((أقضاكم علي )) والقضاء: هو الفقه، فهو إذن أفقههم.
وروى الكل أيضا أنه-عليه السلام- قال [له] وقد بعثه إلى اليمن قاضيا: ((اللهم أهد قلبه، وثبت لسانه )) قال: فما شككت بعدها في قضاء بين اثنين، وهو -عليه السلام- الذي أفتى في الحامل الزانية، وهو الذي أفتى في المرأة التي وضعت لستة أشهر وهو الذي قال على المنبر صار ثمنها تسعا وهذه مسألة لو فكر الفرضي فيها فكرا طويلا لاستحسن منه بعد طول النظر هذا الجواب، فما ظنك فيمن قاله بديهة واقتضبه ارتجالا.
ومن العلوم[علم] تفسير القرآن، وعنه أخذوا ومنه انتزع، وإذا رجعت إلى كتب التفسير علمت صحة ذلك؛ لأن كثيره عنه، وعن ابن عباس، وقد علم الناس حال ابن عباس في ملازمته له، وانقطاعه إليه، وأنه تلميذه وخريجه، وقيل له: أين علمك من علم ابن عمك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط.
ومن العلوم علم الطريقة والحقيقة وأحوال التصوف، وقد عرفت أن أرباب هذا الفن في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون وعنده يقفون ، وقد صرح بذلك الشبلي والجنيدي وسري [السقطي] وأبو يزيد البسطامي، و[أبو محفوظ] معروف الكرخي وغيرهم، ويكفيك دلالة[على ذلك] الخرقة التي هي شعارهم إلى اليوم، وكونهم يسندونها بإسناد متصل إليه -عليه السلام-.
Bogga 98