146

قال: فإذا عرفت هذه المقدمة فمعلوم أن عليا -عليه السلام- كان مستحقا محروما، بل هو أمير المستحقين المحرومين وسيدهم وكبيرهم، ومعلوم أن الذين ينالهم الضيم، وتلحقهم المذلة والقضيمة يتعصب بعضهم لبعض، ويكونون[إلباو] يدا واحدة على المرزوقين الذين ظفروا من الدنيا، ونالوا منها مآربهم لاشتراكهم في الأمر الذي أهمهم وساءهم، وغصهم ومضهم، واشتراكهم في الأنفة والحمية النفسانية والمنافسة لمن علاهم وقهرهم، وبلغ من الدنيا ما لم يبلغوه، فإذا كان هؤلاء أعني المحرومين متساوين في المنزلة والمرتبة، وبعضهم يتعصب لبعض، فما ظنك بما إذا كان منهم رجل عظيم القدر، جليل الخطر، كامل الشرف، جامع الفضائل محتوي[على] الخصائص والمناقب، وهو مع ذلك محروم[محدود] قد جرعته الدنيا علاقمها وعلته[عللا] بعد نهل من صبرها وصابها، ولقي منها ترحا تارحا وجهدا جاهدا، وعلا عليه من هو دونه، وحكم فيه وفي [بنيه و] أهله ورهطه من لم يكن ما ناله من الأمرة والسلطان في حسابه، ولا دائرا في خلده، ولا خاطرا بباله، ولا كان أحد من الناس يترقب له ذلك، ولا يراه به [في منامه] ثم كان آخر الأمر أن قتل هذا الرجل الجليل في محرابه، وقتل بنوه[بعده] وسبى حريمه ونساؤه، وتتبع أهله وبنو عمه بالقتل والطرد والتشريد[والسجون] مع فضلهم وزهدهم وعبادتهم وشجاعتهم وانتفاع الخلق بهم.

Bogga 239