Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Baare
عمر بن محمود أبو عمر
Daabacaha
دار ابن القيم
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Goobta Daabacaadda
الدمام
Noocyada
أَنْكَرُوا الْخَالِقَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوجَدُوا بِلَا خَالِقٍ. ﴿أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ لِأَنْفُسِهِمْ وَذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ أَشَدُّ لِأَنَّ مَا لَا وُجُودَ لَهُ كَيْفَ يَخْلُقُ فَإِذَا بَطُلَ الْوَجْهَانِ قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ لَهُمْ خَالِقًا فَلْيُؤْمِنُوا بِهِ ﴿أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ وَهَذَا فِي الْبُطْلَانِ أَشَدُّ وَأَشَدُّ فَإِنَّ الْمَسْبُوقَ بِالْعَدَمِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُوجَدَ بِنَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُوجِدًا لِغَيْرِهِ وَهَذَا إِنْكَارٌ عَلَيْهِمْ فِي شِرْكِهِمْ بِاللَّهِ ﷿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْخَالِقُ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴿بَل لَا يُوقِنُونَ﴾ أَيْ: وَلَكِنْ عَدَمُ إِيقَانِهِمْ هُوَ الَّذِي يَحْمِلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ، أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ [الطُّورِ: ٣٥-٣٧] كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ١.
وَكَثِيرًا مَا يُرْشِدُ اللَّهُ ﵎ عِبَادَهُ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِآيَاتِهِ الظَّاهِرَةِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الْعُلْوِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ٢٠] أَيْ: فِيهَا مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى عَظَمَةِ خَالِقِهَا وَقُدْرَتِهِ الْبَاهِرَةِ مِمَّا قَدْ ذَرَأَ فِيهَا مِنْ صُنُوفِ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمِهَادِ وَالْجِبَالِ وَالْقِفَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْبِحَارِ وَاخْتِلَافِ أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَأَلْوَانِهِمْ وَمَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنَ الْإِرَادَاتِ وَالْقُوَى وَمَا بَيْنَهُمْ مِنَ التَّفَاوُتِ فِي الْعُقُولِ وَالْفُهُومِ وَالْحَرَكَاتِ وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ وَمَا فِي تَرْكِيبِهِمْ مِنَ الْحِكَمِ فِي وَضْعِ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِمْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فِيهِ، وَلِهَذَا قَالَ ﷿: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ٢١] قَالَ قَتَادَةُ مَنْ تَفَكَّرَ فِي خَلْقِ نَفْسِهِ عَلِمَ أَنَّهُ إِنَّمَا لُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ لِلْعِبَادَةِ وَكَذَا مَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْآيَاتِ الْعَظِيمَةِ إِذْ كَانَتْ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عِظَامًا إِلَى أَنْ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ، وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ، وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾
_________
١ البخاري "٢/ ٢٤٧" في صفة الصلاة، باب الجهر في المغرب.
ومسلم "١/ ٣٣٨/ ح٤٦٣" في الصلاة، باب القراءة في الصبح.
1 / 100