Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Baare
عمر بن محمود أبو عمر
Daabacaha
دار ابن القيم
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Goobta Daabacaadda
الدمام
Noocyada
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ، وَهُوَ الَّذِي يَضَعُ الْمُوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا بَلْ يُحْصِي عَلَيْهِمُ الْخَرْدَلَةَ والذرة والفتيل والقمطير. اللَّطِيفُ بِعِبَادِهِ مُعَافَاةً وَإِعَانَةً وَعَفْوًا وَرَحْمَةً وَفَضْلًا وَإِحْسَانًا، وَمِنْ مَعَانِي لُطْفِهِ إِدْرَاكُ أَسْرَارِ الْأُمُورِ حَيْثُ أَحَاطَ بِهَا خِبْرَةً تَفْصِيلًا وَإِجْمَالًا وَسِرًّا وَإِعْلَانًا، الْخَبِيرُ بِأَحْوَالِ مَخْلُوقَاتِهِ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ مَاذَا عَمِلُوا وَكَيْفَ عَمِلُوا وَأَيْنَ عَمِلُوا وَمَتَى عَمِلُوا حَقِيقَةً وَكَيْفِيَّةً وَمَكَانًا وَزَمَانًا، إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أو في السموات أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ. الْحَلِيمُ فَلَا يُعَاجِلُ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ بِالْعِقَابِ، بَلْ يُعَافِيهِمْ وَيُمْهِلُهُمْ لِيَتُوبُوا فَيَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الْعَظِيمُ. الَّذِي اتَّصَفَ بِكُلِّ مَعْنًى يُوجِبُ التَّعْظِيمَ وَهَلْ تَنْبَغِي الْعَظَمَةُ إِلَّا لِرَبِّ الْأَرْبَابِ، خَضَعَتْ لِعَظَمَتِهِ وَجَبَرُوتِهِ جَمِيعُ الْعُظَمَاءِ، وَذَلَّ لِعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ كُلُّ كَبِيرٍ. الْغَفُورُ الشَّكُورُ الَّذِي يَغْفِرُ الْكَثِيرَ مِنَ الزَّلَلِ، وَيَقْبَلُ الْيَسِيرَ مِنْ صَالِحِ الْعَمَلِ، فَيُضَاعِفُهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَيُثِيبُ عَلَيْهِ الثَّوَابَ الْجَلَلَ، وَكُلُّ هَذَا لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ، أَمَّا الشِّرْكُ فَلَا يَغْفِرُهُ وَلَا يَقْبَلُ مَعَهُ مِنَ الْعَمَلِ مِنْ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ. الْعَلِيُّ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ كُلُّ مَعَانِي الْعُلُوِّ، عُلُوِّ الشَّأْنِ وَعُلُوِّ الْقَهْرِ وَعُلُوِّ الذَّاتِ، الَّذِي اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ وَعَلَا عَلَى خَلْقِهِ بَائِنًا مِنْ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ وَأَخْبَرَ عَنْهُ رَسُولُهُ ﷺ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ١، وَأَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَهُمْ وَلَا نَكِيرٍ. الْكَبِيرُ الَّذِي كُلُّ شَيْءٍ دُونَهُ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يوم القيامة والسموات مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ نَصًّا بَيِّنًا مُحْكَمًا، الْحَفِيظُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَلَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، الَّذِي وسع كرسيه السموات وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا، حَفِظَ أَوْلِيَاءَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَنَجَّاهُمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ خَطِيرٍ. الْمُغِيثُ لِجَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ فَمَا اسْتَغَاثَهُ
_________
١ ستأتي هذه الروايات قريبا في هذا الكتاب.
1 / 50