Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Baare
عمر بن محمود أبو عمر
Daabacaha
دار ابن القيم
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Goobta Daabacaadda
الدمام
Noocyada
إِلَّا مُضَافًا إِلَى ذُو كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ٤] أَوْ مُقَيَّدًا بِالْمُجْرِمِينَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾ [السَّجْدَةِ: ٢٢] .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ أَفْعَالٌ أَطْلَقَهَا اللَّهُ ﷿ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى سَبِيلِ الْجَزَاءِ الْعَدْلِ وَالْمُقَابَلَةِ، وَهِيَ فِيمَا سِيقَتْ فِيهِ مَدْحٌ وَكَمَالٌ لَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَقَّ له تعالى منها أَسْمَاءٌ وَلَا تُطْلَقَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا سِيقَتْ فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النِّسَاءِ: ١٤٢] وَقَوْلِهِ: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ [النِّسَاءِ: ٥٤] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التَّوْبَةِ: ٦٧] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١٤] وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُخَادِعٌ مَاكِرٌ نَاسٍ مُسْتَهْزِئٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَالَى اللَّهُ عَنْهُ، وَلَا يُقَالُ: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ وَيُخَادِعُ وَيَمْكُرُ وَيَنْسَى عَلَى سَبِيلِ الْإِطْلَاقِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَصِفْ نَفْسَهُ بِالْكَيْدِ وَالْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَالِاسْتِهْزَاءِ مُطْلَقًا، وَلَا ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَمَنْ ظن من الجهال الْمُصَنَّفِينَ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى أَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْمَاكِرَ الْمُخَادِعَ الْمُسْتَهْزِئَ الْكَائِدَ فَقَدْ فَاهَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ الْجُلُودُ وَتَكَادُ الْأَسْمَاعُ تُصَمُّ عِنْدَ سَمَاعِهِ، وَغَرَّ هَذَا الْجَاهِلَ أَنَّهُ ﷾ أَطْلَقَ عَلَى نَفْسِهِ هَذِهِ الْأَفْعَالَ فَاشْتَقَّ لَهُ مِنْهَا أَسْمَاءً وَأَسْمَاؤُهُ تَعَالَى كُلُّهَا حُسْنَى فَأَدْخَلَهَا فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَقَرَنَهَا بِالرَّحِيمِ الْوَدُودِ الْحَكِيمِ الْكَرِيمِ، وَهَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لَيْسَتْ مَمْدُوحَةً مُطْلَقًا بَلْ تُمْدَحُ فِي مَوْضِعٍ وَتُذَمُّ فِي مَوْضِعٍ فَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ أَفْعَالِهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا فَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ تَعَالَى يَمْكُرُ وَيُخَادِعُ وَيَسْتَهْزِئُ وَيَكِيدُ فَكَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لَا يُشْتَقَّ لَهُ مِنْهَا أَسْمَاءٌ يُسَمَّى بِهَا بَلْ إِذَا كَانَ لَمْ يَأْتِ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى الْمُرِيدُ وَالْمُتَكَلِّمُ وَلَا الْفَاعِلُ وَلَا الصَّانِعُ لِأَنَّ مُسَمَّيَاتِهَا تَنْقَسِمُ إِلَى مَمْدُوحٍ وَمَذْمُومٍ وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالْأَنْوَاعِ الْمَحْمُودَةِ مِنْهَا كَالْحَلِيمِ وَالْحَكِيمِ وَالْعَزِيزِ وَالْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْهَا الْمَاكِرُ وَالْمُخَادِعُ وَالْمُسْتَهْزِئُ ثُمَّ يَلْزَمُ هَذَا الْغَالِطَ أَنْ يَجْعَلَ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى الدَّاعِيَ وَالْآتِيَ وَالْجَائِيَ وَالذَّاهِبَ وَالْقَادِمَ وَالرَّائِدَ وَالنَّاسِيَ وَالْقَاسِمَ وَالسَّاخِطَ
1 / 118