249

Ma'a Al-Mushakikin Fi Al-Sunnah

مع المشككين في السنة

Tifaftire

فاروق يحيى محمد الحاج

Noocyada

ونصَّ عليه كذلك الحميدي في "مسنده"، حيث جاء في روايته للحديث: «قال سفيان: قال سليمان: لا أدري أذكر سعيد الثالثة فنسيتُها أو سكت عنها» (^١).
ولما كانت مبهمة فقد اختلف العلماء في المراد بها، قال ابن حجر: «قال الداودي: "الثالثة: الوصية بالقرآن. وبه جزم ابن التين". وقال المهلب: "بل هي تجهيز جيش أسامة". وقوَّاه ابن بطال: بأن الصحابة لما اختلفوا على أبي بكر في تنفيذ جيش أسامة قال لهم أبو بكر: (إن النبي ﷺ عهد بذلك عند موته) (^٢).

(^١) مسند الحميدي (١/ ٤٥٨)، رقم (٥٣٦).
(^٢) عن أبي هريرة ﵁ قال: (وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْلَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتُخْلِفَ مَا عُبِدَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ. ثُمَّ قِيلَ لَهُ: مَهْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟! فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَجَّهَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فِي سَبْعِمِائَةٍ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا نَزَلَ بِذِي خَشَبٍ قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ! رُدَّ هَؤُلَاءِ، تُوَجِّهُ هَؤُلَاءِ إِلَى الرُّومِ وَقَدِ ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْ جَرَتِ الْكلَابَ بأَرْجُلِ أَزوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا رَدَدْتُ جَيْشًا وَجَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَا حَلَلْتُ لِوَاءً عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَوَجَّهُ أُسَامَة)، الحديث. الاعتقاد للبيهقي، باب تنبيه رسول الله ﷺ على خلافة أبي بكر الصديق بعده وبيان ما في الكتاب من الدلالة على صحة إمامته وإمامة من بعده من الخلفاء الراشدين (ص:٣٤٥)، وتاريخ دمشق لابن عساكر (٢/ ٦٠). وقال السيوطي: «سنده حسن». جمع الجوامع للسيوطي (١٤/ ٢٣٠)، رقم (٣٧٢).
وعن عروة بن الزبير: (أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: أَنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ. فَقُبِضُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأُسَامَةُ بِالْجُرْفِ، فَكَتَبَ أُسَامَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَعْظَمُ الْحَدَثِ، وَمَا أَرَى الْعَرَبَ إِلا سَتَكْفُرُ، وَمَعِيَ وُجُوهُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَحدهُمْ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ نُقِيمَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَسْتَفْتِحَ بِشَيْءٍ أَوْلَى مِنْ إِنْفَاذِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَأَنْ تَخَطَّفَنِيَ الطَّيْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ). الطبقات الكبرى لابن سعد (٤/ ٥٠)، ترجمة: أسامة الحب بن زيد ﵄، رقم الترجمة (٣٥٧)، وتاريخ خليفة بن خياط (ص:١٠٠)، وتاريخ الرسل والملوك للطبري "المشهور بـ: تاريخ الطبري" (٣/ ٢٢٥). وقال في "صحيح وضعيف تاريخ الطبري" -تحقيق وتخريج وتعليق: محمد بن طاهر البرزنجي- عن رواية الطبري: «إسناده ضعيف». صحيح وضعيف تاريخ الطبري لمحمد بن طاهر البرزنجي (٨/ ٢٦)، حاشية رقم (١). وقال أيضًا في نفس الصفحة عن سند رواية خليفة بن خياط: «إسناد مرسل». وقال عن رواية ابن سعد: «أخرجه ابن سعد مختصرًا (٤/ ٦٧، ٦٨) من روايتين مرسلتين عن عروة، وإسنادهما حسن إلى عروة». صحيح وضعيف تاريخ الطبري لمحمد بن طاهر البرزنجي (٨/ ٢٥)، حاشية رقم (١).
وفي تاريخ خليفة بن خياط: «عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: إِنَّ الْعَرَبَ قَدِ انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ، وَإِنَّكَ لَا تَصْنَعُ بِتَفْرِيقِ النَّاسِ عَنْك شَيْئا، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي بَكْرٍ بِيَدِهِ لَوْ ظَنَنْتُ أَنَّ السِّبَاعَ أَكَلَتْنِي بِهَذِهِ الْقرْيَة لأنقذت هَذَا الْبَعْثَ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِإِنْفَاذِهِ». تاريخ خليفة بن خياط (ص:١٠٠ - ١٠١). وقال في "صحيح وضعيف تاريخ الطبري" -تحقيق وتخريج وتعليق: محمد بن طاهر البرزنجي-: «معضل». صحيح وضعيف تاريخ الطبري لمحمد بن طاهر البرزنجي (٨/ ٢٦).
وقال عياض: يحتمل أن تكون هي قوله: (ولَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي وَثَنًا) (^١)؛ فإنها ثبتت في "الموطأ" مقرونة بالأمر بإخراج اليهود» (^٢).
ثم قال ابن حجر بعد ذلك مباشرة: «يحتمل أن يكون ما وقع في حديث أنس أنها قوله: (الصلاة وما ملكت أيمانكم) (^٣)» (^٤).

(^١) عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي وَثَنًا). بهذا اللفظ أخرجه في: مسند البزار (١٦/ ٤٨)، رقم (٩٠٨٧)، والتمهيد لابن عبد البر (٥/ ٤٣). وقال في "أنيس الساري في تخريج وتحقيق الأحاديث التي ذكرها الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري" -أبو حذيفة نبيل بن منصور بن يعقوب بن سلطان البصارة الكويتي-: «حسن». أنيس الساري في تخريج وتحقيق الأحاديث التي ذكرها الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري لأبي حذيفة نبيل بن منصور بن يعقوب بن سلطان البصارة الكويتي (١١/ ١٠٣٣)، رقم (٥٧١٧).
(^٢) فتح الباري (٨/ ١٣٥). وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي (١١/ ٩٤).
(^٣) جاء في ذلك عدة روايات، منها: عن أنس ﵁ قال: (كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ. حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُغَرْغِرُ بِهَا صَدْرُهُ، وَمَا يَكَادُ يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ). مسند أحمد (١٩/ ٢٠٩)، رقم (١٢١٦٩)، وسنن ابن ماجة، كتاب الوصايا، باب هل أوصى رسول الله ﷺ (٢/ ٩٠٠)، رقم (٢٦٩٧). وقال الألباني: «صحيح». صحيح سنن ابن ماجة للألباني (٢/ ٣٦٣)، رقم (٢٢٠٠).
(^٤) فتح الباري (٨/ ١٣٥). وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي (١١/ ٩٤).

1 / 249