Wixii Habeen Walba Ka Haray Habeenka
ما يتبقى كل ليلة من الليل
Noocyada
إهداء
للمطر القروي
شوف
محض تشه
الأعظم في الوحدة
سكة البيت
العالم لا يشم صراخ الأرواح بدارفور!
صلاة الجسد
ما يتبقى كل ليلة من الليل
وحده يبقى الشاعر من الليل
Bog aan la aqoon
غريب عنك، الورد
سيرة المخلص
ليس حبا
صوت الظلام
شتاء
أمل
عصافير
أبد
قبح
وعد
Bog aan la aqoon
علم
أوطان
طرق
جرح
النار
وحدة
أحزان
هروب
أمل
حرية
Bog aan la aqoon
رفقة
هلوسة
سماؤه
عبق الذنب
في ذكرى مرور أعوام كثيرة على مغادرة بوذا لمدينة أسيوط
بغم الأسماء
بغم الخطيئة
بغم ويلتاه
بغم الشجرة
ثمار البيت
Bog aan la aqoon
طيور تقول لك: صباح الخير
سيرة ذاتية للشاعر مايا كوفسكي
جمهرة النشوة
ظفر
بئر الرغبة
اللحن الأكثر قدسية وشبقا
في مديح الحانثات
ليس من طليق بيننا
قلبك منفاك الأعظم
امرأة مثل دبيب النمل على الجرح
Bog aan la aqoon
نشيد الشتات
ما لم أقله للسيد
لعنة الكتابة وكتابة اللعنة
ما بين الرواية وقرينتها
استثمروا في المستقبل، فإن المستقبل يدوم طويلا
مانديلا
المثقفون السودانيون والمصنفات الأدبية والفنية
البيت
عندما غنت فيروز لأمي
الناشر الشبح
Bog aan la aqoon
عمان مدينة تحرسها الآلهة تايكي
حوار مع وداد الحاج
إهداء
للمطر القروي
شوف
محض تشه
الأعظم في الوحدة
سكة البيت
العالم لا يشم صراخ الأرواح بدارفور!
صلاة الجسد
Bog aan la aqoon
ما يتبقى كل ليلة من الليل
وحده يبقى الشاعر من الليل
غريب عنك، الورد
سيرة المخلص
ليس حبا
صوت الظلام
شتاء
أمل
عصافير
أبد
Bog aan la aqoon
قبح
وعد
علم
أوطان
طرق
جرح
النار
وحدة
أحزان
هروب
Bog aan la aqoon
أمل
حرية
رفقة
هلوسة
سماؤه
عبق الذنب
في ذكرى مرور أعوام كثيرة على مغادرة بوذا لمدينة أسيوط
بغم الأسماء
بغم الخطيئة
بغم ويلتاه
Bog aan la aqoon
بغم الشجرة
ثمار البيت
طيور تقول لك: صباح الخير
سيرة ذاتية للشاعر مايا كوفسكي
جمهرة النشوة
ظفر
بئر الرغبة
اللحن الأكثر قدسية وشبقا
في مديح الحانثات
ليس من طليق بيننا
Bog aan la aqoon
قلبك منفاك الأعظم
امرأة مثل دبيب النمل على الجرح
نشيد الشتات
ما لم أقله للسيد
لعنة الكتابة وكتابة اللعنة
ما بين الرواية وقرينتها
استثمروا في المستقبل، فإن المستقبل يدوم طويلا
مانديلا
المثقفون السودانيون والمصنفات الأدبية والفنية
البيت
Bog aan la aqoon
عندما غنت فيروز لأمي
الناشر الشبح
عمان مدينة تحرسها الآلهة تايكي
حوار مع وداد الحاج
ما يتبقى كل ليلة من الليل
ما يتبقى كل ليلة من الليل
تأليف
عبد العزيز بركة ساكن
إهداء
إلى روح الجميلة، النظيفة، النقية، الشفيفة، مريم بنت أبو جبرين، أمي.
Bog aan la aqoon
عبده بركة
للمطر القروي
لا، بل ما يشبه ضفيرة شعر من أجلي وحدي، ومن أجلي جاء المطر القروي حزينا، على كفيه بقايا نعاس ورسم حناء قديم، رماد فلوات الصيف الماضي، جاء المطر القروي يفتش عني في بحري، في الشجرة، على أسفلت طريق الثورة بالشنقيطي، في أتني على مقهى منسي، خلف الكافتيريا في أبي جنزير، وفي الحافلة الباردة إلى أم درمان مشينا، تقاولنا، فتشابهت علينا الطرقات والمستشفى، بائع الفاكهة العجوز والبقال على الأسفلت وكل صفوف الناس ... سألنا عن هذا وعن هذا، عن ذكرى الهندي غاندي، كنا اثنين ورابعنا عينان، في تلك الليلة يقول الراديو: مات على إثر رصاصات الأعداء جنود شتى ...
تعرفنا على سبعين ... كان السبعون سبايا جيش المهدي، أكبرهم جدي - أحد الميتين القتلى بحربة «شنقا شنقا» - يكفر جدي - وأنا أيضا - بالمهدي وخليفته، بعثمان دقنة وسناجك الترك المبيوعين، يكره تجار الرق الجلابة، يحارب ضمن صفوف الجان مع الشيطان، الأشجار، القنطور، الأفيال والعبيد: المهدي ...
وأنا وحدي يا حبي، أحمل عينيك قنابل من طين أسود وصلصال لايوق، أحشو بالدم وبالطين فمي، وأقاتل حتى الموت ... لا أشكو أو أصرخ، أتبين وجهك في الغابات وزرائب الأقنان، وأتعرف على صوتك من بين ملايين الثكلى.
من منا أكثر ترياقا؟
من منا أكثر أشواقا؟
من منا أكثر ليمونا وجروفا وطحينا؟
أتبين قيدك أيضا من سجن إلى سجن إلى أخشاب المشنقة السنطية البلهاء ... أتبين قيدك درويشا درويشا، وأغازلك وتبتسمين من تحت رداء الجوخ المثقوب الأسود ... أتبين قبح جمال النادل والكمساري والمطر القروي، يفتش عني، وراء النهد المسموم أدس عناويني، رقم الهاتف الجوال، تذاكر العودة إلى النهر وتميمة أمي المجلوة بعصارة لبن العشر، يفتش عني المطر القروي، رعد قبيلة الحبش، هضاب كرن وعبد القادر الجيلاني ، ولا يجدي في قول القائل، أو إيمان الكافر، ولا وطوطة جريح الحرب.
هناك تنامين على وجع، لا تستيقظ أسماك الرغبة في جعبته، ولا مطر يغسل فضيحته، ولا غاردنيا.
Bog aan la aqoon
فراشات العالم كله لا يمكنها خلق زهرة، ولا تستطيع قبلة - مهما كانت دافئة وحقيقية وعميقة - استخدم العاشق فيها كل بساتين القلب، آيات الطير، كتاب طوق الحمامة، الكماسترا والروض العطر، لا تستطيع أن توقظ شفة أنامها الموت ... قولي للمطر القروي: كيف بعثته؟!
شوف
شاهدته، أنت دائما تخفينه خلف أشياء كثيرة، أنا شاهدته خلف أشياء كثيرة وتآلفت معها جميعا، أولها البحر ونوس أغصان النيم، وآخرها البحر يسبح فيه الزيتون المصري، ومن شاهد يقول الحلاج: «يا موسى، من رفع رأسه كما وأشرف إلى ما لا يحل له، سأشرف على الخلق هكذا، وأشار إلى الخشبة» رأيت صدرك، وأشرت أنا إلى البحر ... ثلاثون عاما نقضيها في الخرطوم بعيدا عن وصف المكان والرمل، مثل الماء يأتي من الهضبة والنجيل الوسيم والماشية ... ثلاثون عاما ما استرحت على السنطة، ولم يغرقني ماء أغسطس الأسود، عرفت أسماء البلاد جميعا بكل لغات الزمن المتسامحة، وعرفت ألقاب البنات يهمسن بها في سكة المدرسة وعلى الكراسات، عرفتها، ثلاثون عاما ثمن تلك النظرة، ويعود الثور العجوز إلى سنة المراهقة الأولى مثل جعران ثمل يفقده النزق لذة المشي، وشاهدت مثل الأشياء الكثيرة، ورد ولوسينا تغمض عينا من الشمس للعصفور، كنت وحيدا وباليا، مرميا على قارعة البنت، كثيرا جدا كالنمل، يتعب مغاريف الكناس، العابد وآكل النمل، مثل هذا الكم الهائل مني كنت مفردا، منفردا بالانتظار الطويل على صفوف السفر، قرأت ليقربني الحرف أكثر، أبعدتني الكتابة، قرأت ليرسم الحرف سحلية الروح «يفعل ذلك الولد صلاح إبراهيم».
أبعدتني المشاهدة أقرب.
قرأت لأجسد النطق، وأوحد ما بين الحرف والجسم.
أبعدتني الرؤية عن كشف الذات ... تهت ... شاهدته تحت كومة أشيائه الكثيرة. «عاتبني الخليفة بالمقلمة، وقال لي: من أنت ومن أنا؟ فرأيت الشمس والقمر والنجوم وجميع الأنوار، وقال لي: ما بقي نور في مجرى بحري إلا وقد رأيته، وجاءني كل شيء حتى لم يبق شيء، فقبل بين عيني، وسلم علي، ووقف في الظل»، «النفري»، من يطرق الباب يدخل، ومن يفتح الباب يواجه الخارج وما يسميه البعض الهواء، سوف لا ينجيك من هذا السعير غير السفر، هنا كل شيء أعددته لملاقاتك، أنا لا أتحدث عن العشب والطائر والجلوس، أنت تعرفين كيف يقام لك القداس افتداء من السحر، سأحررك أولا من يد النخاسة ورجال الدين، وسوط السائط ونشيد سليمان.
أسلط عريك للكلام وحده، وحده الكلام يجيد المحاورة.
شاهدت صدرك يا شجرة الآيلانسس، شاهدته تحت الورق المصفر والحدأة وبقايا ما ترك النسر والضوء والوطاويط وأرملة القط والصغار ... تحت ستار كثيف من شمس الخريف.
والآن لم يبق من الميلاد غير الموت.
على وجهك.
Bog aan la aqoon
محض تشه
كل ما تعلمه الجندي في حياته تحصده طلقة واحدة، والسيدة التي اختلقتها من أجل الحب يسحبها التيار نحو بقايا السفن المنسية وكنوز رومانس، عصور تعرف الآن بعطرها وشيء من اللوتس الأسود، على شاطئ النيل يجلس النوبيون يروون لي كيف بنى جدي الهرم الأكبر، ثم تزوج ببنت صانع التوابيت الحجرية في مصر السفلى، أنا لا أضحك ... أرسم في شفتي لية فمك، وردة خدك العميقة، أبحر في ماء شفيف ينطلق نحوي، يسكرني وتصطف البنيات الجميلات المشيطات، سوقهن تهرع في الوقوف ... ويهتم الشعراء، ينشدون يقولون: إن العالم أجمل، وإنه الآن أحلى، وإن الليل تملص من قبضة الشرطي وهراوته، والتهم كلاب الحرس البنية، وأنا وأنت على المقهى، نحملق في عيني بعض، نتشهى أن نترك وحيدين، وأن يمضي الناس إلى ما شاءوا ... أن نترك والنادل ينعس، يتمطى، يجمع كرسيا على فنجان بارد وزجاجة ماء فارغة، عقب سيجارة بينسن، لفحة مريلة عصير العاشقة المحزون، رماد سجائرنا، فليتركنا نحملق في عينينا، نتشهى أن نرقص في العشب أو الماء أو الرمل، وأن نبني بيوتا من وقت يتكسر بين أناملنا، ويسيل لعاب الليل ... الليل ... الليل، وتبقى آخر فتاة للأسفلت، ولا امرأة أخرى غيرك تمشي بساقين شهيتين إلى موقف أم درمان ولا ... غير الشرطي البارد يمل صوتا ورصاصا وحافلة لا تمضي إلى أين ... رجال لا يمضون إلى أين ... كماسرة يتخذون من الأسفلت لباسا وينامون.
وأنت آخر عذراء في تلك الليلة تنظر في عيني عميقا، وتتعشق أن يتركنا النادل إلى أنفسنا وحيدين، ويتركنا النادل، المدينة لا تعرفني، وأنت القروية لا تعرفين سر الغربة، ولا تفهمين معنى أن يتركنا النادل ننظر في عينينا، نتشهى أن يتركنا النادل وأن يمضي ... غدا، غدا، يكتمل الفجر، تستهويني رؤية قبر الجندي ونبش حبيبته من موت قد يخدعنا أو يدل القاتل عنا ... أعرف أنك لا كالأم، ولا كالبنت، ولا كالعاشقة، ولا بنت الليل، وأعرف أن وجودك في المقهى محض تشه، وأعرف أني أخترق الليل إليك كالمتسول للدفء وللرائحة.
وأعرف أنك لا ... إلا أن تأتي إلي، وأن تلتئم اللوحة وأن نسقط.
الأعظم في الوحدة
اتخذت لنفسي صفة من صفات الناس، سوف لا يحسدني فيها حاسد غير نفسي ... وهي الفاسد ... ولأنني لم أكتف بأن أكون فاسدا فحسب، فأنا المفسد والمفسد والفسود الفسد، الفسيد، والفساد الفساد ... ويعرف العارفون أني أفسدهم معرفة أعرقهم مفسدة، وأني أحب - إذ أحب - في الناس أضلهم، فالضالون هم وحدهم من يعرف طرقا أخرى غير طرق الهداية، وهي سبيل بعيدة، شاسعة، مرعبة، وعرة، ولكن بها لذة ذاقوها وظلوا عليها وسوف لا يحيدون، وطرق الهداية طيبة وباردة، وأنها تميت الروح في الجنة، إنها كقفص من الثلج، وإني أسلك سلوكا هو الأسوأ في النبات، أقبل الطائر والثعبان في آن واحد، وهو الأجمل في الحيوان ... أعلم الشر ولا أتقيه، والأغرب في المسافة ابتداء في كل خطوة من جديد ولا نهاية لي، والأقبح عند الرجل ... إني لا أقول حبيبتي، ولكني أقول حبيباتي، والأحلى في البنت: رجل في القلب يزيده اتساعا، وإني أحب في البيت الفراش، وفي النساء عليه، تعلمت من صديق صيني: الرجل الفاضل يخاف على المرأة من كل الرجال إلا نفسه، أما الفاسد فهو الذي يخاف على نفسه من كل النساء، إلا التي تعرف اسمه.
كنا في البيت طائر ووردة ... في السكة يبقى الليل وحيدا يتحسس ظلمته ... كنا في البيت كشيئين طويلين بليدين، ولكنا الأعظم في الوحدة ... الصبر أضيق أبواب الفرج، والأم تصنع من مزق الفقر فطورا ... الأم تعلمني كيف أحيك الصبر لباسا يتسلل من بين خيوط التيل ... يمتد إلى ما دون الركبة، يتحسس دفء النظرة وكركرة البنت ... الأم تعلمني الفسق الطيب، ونحن نمد أيادينا للناس، نستثمر كنز الفقر ونضحك ... من علمني الحرف؟ من يبصق على وجهي الكلمات؟ من يعرف اسمي غير الجن وأنت؟
كنا نتجول في وقع الحزن علينا ... قالت أمي وفي يدها بقية قرش وقديد يتحرك فيه الوحش المقتول منذ سنين: لم ينفعك بعد بسم الله غير الوحش ... ضحكنا ... كانت أمي تشبه وجهي يسود كثيرا في الفرحة، ويصبح جميلا كالأسفلت حين الجوع ... كبرت ... تعلمت الإغواء ... يأتي الرجل حزينا مرتبكا يباعد بين الفخذين، يمص قليلا من ثدي ... يعبث ببقية ثوبي ينزعه، يستفرغ في رحمي، يستفرغ في رئتي، يستفرغ في نهدي، يستفرغ في بقايا الليل، يتبول في أودية القط فضيحته، أو يصرخ مندهشا، قالت أمي تهمس في أذني: الصبر أضيق أبواب الوحش ولوجا للذة.
اليوم يمر كألفي عام ... اليوم يمر كزنديق يهرع نحو الله، يحسبه الناس صفيقا، ويحسبه السلطان نبيا مرسلا ... اليوم يمر تحت إبط البنت يدغدق ذاكرة الشيخ، كان الفاسد مثل الليل يموت وحيدا في الظلمة، يأتيه الشعراء كأجمل أطيار الجنة. كالأم ... في ذاكرتي سجني، وأنا أتخذ السجن قلعة حرية ... أستعمل أوردتي حديد السجن وقلبي مطرقة الحداد، أصيغ الفقر سلاسل ذهب وخلاخل فضة ... اليوم يمر كقديس أعمى يرى بالقلب في الظلمة أكثر ... لم يشهد ملكوت الله ... لم يقرأ توراة ... لم يحفظ إنجيلا ... لم يتل قرآنا ... يرى في الظلمة نبض الإنسان ... جاء الشعراء الأموات يحتطبون الأجساد الكاذبة في سوق النخاسة ... أعرفهم ... غناء السلطان يميزهم، يحترفون رويال الصمت ... الأم تقول لهم: انتبهوا يا شعراء الريح، انتبهوا للأرض.
في بيتي جسدي ... وأنا أمتلك فيما أورثني جدي جسدي ... أمتلك الشجر الوارف والأصداف ... أمتلك البحر ... أمتلك الفرجة في وجعي ... أمتلك العصفور طليقا في السموات ... أمتلك الأرض ... الحرب تعيق الحرب ... السلم يعيق السلم ... الفلاح يدق الفأس يحيل الأشياء إلى ضوضاء مثمرة ونقيق.
Bog aan la aqoon
يا صوتي، يا امرأتي وبكائي وحدي، يا درويش الروح وقدس الأقداس، يا ليل الفاسد ونصرته، يا لحظات الشبق الأكرم، يا من ناديت ما أسمعت سوى جرحك ... يمضي اليوم ثقيلا كالبهجة، منتعظا كمسمار الأشياء، يضل الدرويش سبيلا مأهولا باللذة ... يا سيتيت المدن المنسية في الفشقا، يا من يعرف اسم الوشم وكنيته: أنت حبيباتي، وأنا واحد ممن تعشقين.
الدمازين
21 / 6 / 2009
سكة البيت
لقد كنت مرهقا مثلكم، لم أستطع أن أميز ما بين التاج والمقصلة، كنت نعسا فتغافلت عن سكة البيت، جئت إلى هنا لألتقي بكم، لأرسم بحرا في أكفكم وأغرقكم فيه، كنت شجاعا كما كنتم وأنت تهربون من الموت إلى اليابسة، غريبا، عارفا، نزقا ومحبوبا مثل أرنب في مخيلة ذئب؛ لذا لا تحرموني نعيم المشنقة، حبلها ندي مثل كف أمي، وخشيش نصلها موسيقى عصافير الكروان، من تذوق طعمها لن يفارقه، ومن لبس حريرها تشهى فراشها، فهي حيث لا وسط بين الفكرة وبين الفكرة.
هكذا غنى الأستاذ محمود محمد طه، أو يظن أنه، أو غني له، أو تغنى به البعض، وظلت الحقيقة بين بين إلى يومنا هذا، الرجل علمنا الطريق إلى الحياة وأخطأه، عرفنا بالله وتنحى بقلبه عن الملل وفكرة الأمس، وقال لي: إذا ضللت فتخير في السبيل أكثرها ظلمة؛ لأنها وحدها تحتاج إلى نور قلبك، وقال لي: أنت لا تعرف من شأن نفسك بقدر ما تعرف هي من شأنك، فلا تتبع سبيلي؛ لأنك ستضل، ولا تتبع سبيل غيري؛ لأنك ستضلله، ولا تكون نفسك إلا بقدر ما تخشى السقوط في هاوية الجسد، وقال لي: من سقط في هاوية الجسد، ثم بكى.
سلام عليك في المكان، وسلام على نخلة!
ظللنا نعد الشباك والأغنيات إلى الفرائس، شربنا لأجلها خمرا من كرم التشهي والارتباك الحميم، وقلنا لبعض النساء الجميلات إن تحاكيناها، أن يقعن في لجة الشرك الزنيم، وأن ينثرن من أرياش أجنحتهن عاصفة تخبرنا بأن النساء الجميلات قد وقعن في المصيدة، وأن الفرائس الآن تنتظر نصل السكاكين وثرثرة الشواء، وقال لي النساء كالعاصفة يجرحن قلبك حيثما خبرنه، ثم يغسلن روحك بالغيث، وقال لي: إذا صدتهن فاعلم أنت الفريسة.
سلام علي في لجة الانتشاء، وسلام عليها كواحدة من ورد الحديقة وماء خطايانا الشفيف، وقال لي: في سكة النهر النهر، وقال لي: إذا خيرت ما بين هذا وذاك، فاخترني لأنني هذا وذاك، وقال لي: الوطن ليس كالحرب، تخسره أو تكسبه في معركة، ولكنه كالأم لا يمكنك أن تفصل لبنها عن لحمك. ثم كاد يقول لي شيئين ...
كنت جميلا وبوجهي خربشة مخالب البلاد الكبيرة، وكلما كبر أولاد الجيران ابيضت أسنانهم واسودت وجوههم وأصبحوا كغربان البشارة، إلا أنا، كبرت بلا أسنان ووجهي مقدس كقرد التبت، تراه في الليل قصائد شعر، وفي لحظة العشق كقنديل يضاء ويطفى بقبلة بنت، ورفسة نهد، طنين سرير الحنين القصي، وقال لي: إذا رأيت أصبت بداء الذي قد رأيت وكنت حبيسا له، وإذا خاطبك الجاهلون صرت منهم.
Bog aan la aqoon
وقال لي: يا بركة، الليل الليل، وقال لي في الليل ليلك.
15 / 3 / 2010
العالم لا يشم صراخ الأرواح بدارفور!
أشم بأنفي الأصوات، وأنفي لغتي بين المعنى والمبهم، أنفي ثرثرة الأضداد، أنفي أسئلة لإجابات توغل في الإبهام وفي التاريخ ...
جاءوا في الصمت، كانوا جندا وصراصير قتلة، كانوا زرازير أبابيل، وأنا أقود قبيلة جدي لهدم الغفلة، أركب فيما يركب أبنائي فيلا، في السر توسوس لي نفسي أن أفعل، أن أطرد من أرضي شبح الموت الآثم: الموت! يقول جدي عبد الكريم إدريس آدم: الموت الكافر.
كانوا ما يسميه السحرة جنجويدا، حكاما وسلاطين ومسلمين، من عرب النيجر وجمهورية تشاد، مثل جراد من طينة جن وكلاشنكوف، مثل أزيز الطلقة وآآآآهة سيدة مغتصبة، ونسائي العشرون وبناتي التسع وأولادي الخمسون، سكارى من عطر البارود، وجدي يعلن أن النصر في حد الصبر وتقبيل النار، يعلن أن الله يؤرخ للقتلى بدماء نحيب المغتصبات، وأنفي تشتم كلام الله، مثل نبي يتسول في العرش يندس بين حروف العلة والمجرور، يحسبه الحراس ذبابة تقوى، وأحسبه موسيقى تدفئ روحي في الجنة بنار الإفك.
بلدي دارفور، ووطني ما يخرج من مني حامض من سرة جدي، أمي تحبل بالأحجار وبالماء، وعلى عينيها بقايا ما ترك الجند من الليمون واليوسفي على شاطئ خور معوج كثعبان، بلدي لغتي كذاكرة الأطفال، تهوم بين السحر وما بين الأحلام وبيتي، تحبل امرأتي بالطين وبالشمس السوداء الشبقة، وطني حيث تنبت في النطفة امرأة ورجال وهوام.
لن يقتلنا الموت أو الإهمال، لن يمحو ذاكرة الأرض تبول ناقتهم في الرمل، فالرمل يقاوم مثل البنت، ومثل اللغة وأنفي.
صباح الخير، العالم يغشاه نعاس، العالم لا يشم صراخ الأرواح بدارفور.
8 / 3 / 2010
Bog aan la aqoon
صلاة الجسد
أبناؤنا المشردون على جسدك الحار، يرقصون على إيقاع نبضك، يتمرجحون في هدوء أنفاسك وابتسامتك الناعسة ... أنت مسجاة هنالك بكامل إرادة الوقت والقهوة، بكامل صراخ العشيبات المصطفاة في سبيل النشوة، يمهدن سبل الرب، ينشدن صلاة الجسد: أحبك، أحبك، أحبك، ألف نجم وطائر، زرافة في سافنا كوما قنذا الغنية، وأنت مثل ماء يتدفق بين صخرتين طيبتين كأحجار موسى، تبعثرين جسدك في المكان ... تتشهين الشيء أن تذوبين في ...
ومثلي كما لم يعلمه الله، خائن وماكر، لا يثق في حنين يموء كهر جبلي شبق ... صلاة لأجلك وحدك، أقلد فيها إفك الحمام، وصدق الذئاب، وفسق الدجاجات وأبكي؛ لأني أغني بصوت وأبكي بصوت، وأجني ثمار النهود التي تزهر فيك بصوت، أدعو وأعلم أن الإله يجيب دعاء الشقي، أصلي صلاة الجسد، لرب يظلل ليل البنات الجميل بجناحي، وأنت البنيات ينمن في خاطري، يخفن الرجال جميعا إلا أنا الوحيد في جوقة الجوارح، يعطي الطمأنينة والخوف والجن وشهوة الانتشاء بذات الألم ...
أصلي لأجلك صلاة الجسد، لا سورة تقرأ، لا توراة، لا إنجيل، لا كماسترا، لا مشيل فوكو أو فوكوياما، لا فيدا، لا سرديات كتلك التي في كتاب الموتى، لا النفري، لا شيركو بيكاس، لا شيخ سنار التقى فرح، لا دون جوان خليع ... ليس سوى بوذا ينقط ميلاد عيسى المسيح بحبر اللوتس، يدير بوصلة القيامات والأمهات الجميلات إلى وقتنا المتقد ... صلاة لأطفالنا في الجسد ... ما بين صدرك ونهدك ونعليك، ما بين شارب اللذة وسكينة الجنجويد في رقاب المساكين ...
أصلي لأجلك صلاة الجسد، مثل النخيل يلطف وجه السماء المحرق بالشمس والانتظار، مثل الدليب والدوم، تعلو بأوراقها وتسقط أبناءها كأبنائنا المشردين في الأرض ... أصلي لأجلك وحدك صلاة الجسد ... امنحيني صلاة تصلى لأجلك، لأجلك وحدك صلاة الجسد ... كن في الليل والغربة نفس المسافة ما بين ليل وغربة ... نفس الجسد ... أحبك، أحبك، أحبك، أحبك كثيرا كحبة رمل، كذرة تبر وحنظل ... أحبك جدا كشدو طيور الكلج، كوخذ ضمير الحمام ... أحبك أيضا وأنى، ولكن، وثم، وبعد، وليت التي ثم ماذا وكيف ... صلاة لأجلك وحدك، كأطفالنا المشردين فوق أديم الجسد، بلذة الرمل الذي نغني له، أحبك وكنا يمر القطار بعيدا رويدا رويدا، تهمس لي: «بحب ... حبيبي، بحب.»
أمد يدي للسماء وقلبي، أستعين بشيخي وسيدي النفري، بالمواقف والمخاطبات، أصلي وأسلم، أشبع الوقت والميتين ... رأيتك عند الصباح البهي تحلبين النعاج، تثقو بلحن سليمان النعاج، نشيدا لأنشاد الجسد ... كنت تنثرين وردك ملء المساء، كغاردينا البعاعيت مسمومة ومشتهاة، يفوح عطرك، يسكر شهوة الاتعاظ الغبي لدينا «وحش السرير الزنيم»، وأنا مثل غن يهيم بزوجة ملك، وأنت سلطانة تغوي خلا يخون ويوفي بحب يغني: لنا ما لنا من حنين لنا، لنا ما لنا من جمال.
يا هذه، يا مجدلية الروح، يا مريمي، ومريمي الأخرى وفاطمتي ...
الدمازين
2 / 1 / 2010
ما يتبقى كل ليلة من الليل
Bog aan la aqoon
سوف لا يدق الجرس الإلكتروني اليوم، سوف لا يدق، والريح الطائعة السكري سوف تتجنب العبور وإهداء صفيرها المجاني؛ لأنها تحتفظ بالأشياء من أجل أن ترقص على أفرع الشجيرات الحذرة.
كانوا يكتبون الجوابات للصبيات تحية لاستدارة أطرافهن وانتباه أجسادهن، وفي ذكرى اللقاءات التي لم تتم.
أنا أكتب إليك لا لأجل هذا ولا ذاك، فقط لأنني أتخلص من سحرك برسمه على جدار الكهف، ثم رميه بالحجارة الحادة وإحاطته بالتمائم، أحمد أبو جميزة الذي تعرفينه الذي خلص أبي من القيد، وحرره ثلاثين مرة في يوم واحد، كنت وأصحابي الأطفال نهتف خلفه وهو يحمل «كوكابا» ويحارب الضالين، كنا نشجعه مندسين في طفولتنا وأحلامنا الصغيرة، ومن كرات ثمار العشر نصنع قنابل الغد ونهديها إلى أفراس أبي جميزة الصافنات، وهي تطحن الغبار الحار، وتمزجه بعرق الجند الفقراء، تخطف الدم من شرايين العدو قطرة قطرة.
لا يمكن لأية سيدة أن تأخذ نقطة حبر، وتدعي النبوة، وتسجح في رشاقة وغنج، وأنا لا تدهشني وسوسة النسرين ولا جموحك، لا تبطل تميمة أجدادي السحرة تلك البسمة الممطرة؛ لأنني ببساطة أعرف أين مكمن الجهل في علم العالم، وأتبصر بذات إيروسيتك علم الجاهل بدأب النملة وصبر السيالة: أحدق ...
هنا، أينما يممت وجهك أنت تصلي نحوي ثم، قد لا أجد مبررا لنزعهما معا في آن واحد، أن يمسخني الحب عبدا، وأن أحمل نفسي في قفاف السوقة، وأدعو الناس أن اشتروني، من أجلك تبقى الفراشة زهرة تحلم بالطيران.
أليس بالإمكان فعل ما هو أكبر من الحب والعاطفة والجسد وضفائر تسدلها البنت آخر الليل لرجل تمزق أحشاءه أقلام كثيرة؟! أليس هناك ما هو أقوم وأدق وأمتع وأجن وأفسد وأحن وأصلح من الجسد؟! أليس بالإمكان أن يتكور الصوت الآتي عبر هواء الأقمار قناة تخلقها ذبذبات اللغة قليلا فقليلا؟! تخرج من أذني إلى أرض الكوخ بلا تاريخ أو أقطان، ورطانات بلا وطن، عارية كالصوت أقبلها وألثم غفلتها وأنبهها على كفي، على صدري، على شجري، على الدنيا ... على كرسيك أقرأها ضلالاتي وأفسدها وأفسدني، وأبني في صباحاتي لها ظلا بئيسا، قصير العمر لا يغني ولا يفنى.
ما لدي سوى ذهب مغشوش بالرماد يسميه العاشقون الصدق، وأسميه: أمل ... ما لدي سوى ما يتبقى كل ليلة من الليل يتجنبه السكارى في نباح الكلاب وحذر القطط.
ما لدي هذا المطر الذي يأتي من النهر خلف كوخي بين شارع المدرسة ومنازل بائعي النيفة الباردة، على الريح.
لديك القليل الذي يدرك ما لم يدركه الكثير الكثير، مثل شرارة الجمر التي سرقها برومثيوس.
لديك هذا الحلم، سوف تقتسم نصف الرغيف ونصف الأغنية ونصف الرغبة، والنصف الآخر الذي يخص البحر وحده نهديه إلى جنيات الماء العذراوات.
Bog aan la aqoon