فقالت الطبيعة: «أنت لا تدرين ما تطلبين، ولا تعلمين ما وراء الطعمة الظاهرة من البلايا الخفية، فإذا رفعت قامتك، وأبدلت صورتك، وجعلتك وردة، تندمين حين لا ينفع الندم.»
فقالت البنفسجة: «حولي كياني البنفسجي إلى وردة مديدة القامة، مروعة الرأس، ومهما يحل بي بعد ذلك، يكن صنع رغائبي ومطامعي.»
فقالت الطبيعة: «لقد أجبت طلبك أيتها البنفسجة الجاهلة المتمردة، ولكن إذا داهمتك المصائب والمصاعب، فلتكن شكواك من نفسك.»
ومدت الطبيعة أصابعها الخفية السحرية، ولمست عروق البنفسجة، فتحولت بلحظة إلى وردة زاهية، متعالية فوق الأزهار والرياحين.
ولما جاء عصر ذلك النهار، تلبد الفضاء بغيوم سوداء مبطنة بالإعصار، ثم هاجت سواكن الوجود، فأبرقت وأرعدت، وأخذت تحارب تلك الحدائق الأنصاب، واقتلعت الأزهار المتشامخة، ولم تبق إلا على الرياحين الصغيرة، التي تلتصق بالأرض، أو تختبئ بين الصخور.
أما تلك الحديقة المنفردة، فقد قاست من هياج العناصر، ما لم تقاسه حديقة أخرى.
فلم تمر العاصفة، وتنقشع الغيوم، حتى أصبحت أزهارها هباء منثورا، ولم يسلم منها بعد تلك المعمعة الهوجاء، سوى طائفة البنفسج المختبئة بجدران الحديقة.
ورفعت إحدى صبايا البنفسج رأسها، فرأت ما حل بأزهار الحديقة وأشجارها، فابتسمت فرحا، ثم نادت رفيقاتها قائلة: «ألا فانظرن ما فعلته العاصفة بالرياحين المتشامخة تيها وإعجابا.»
وقالت بنفسجة أخرى: «نحن نلتصق بالتراب، ولكننا نسلم من غضب العواصف والأنواء.»
وقالت بنفسجة ثالثة: «نحن حقيرات الأجسام، غير أن الزوابع لا تستطيع التغلب علينا.»
Bog aan la aqoon