Waxa ay Indhuhu Arkaan
ما تراه العيون: قطع قصصية مصرية
Noocyada
ثم ضحكنا والتفت إلي أمين وقال: إن بينهن نساء ذوات حسب ونسب، يخشين الفضيحة فيتسترن بهذا الإزار حتى لا يعرفهن أحد من أزواجهن. - أتظن ذلك؟ - بل أعتقده، وإن شئت سردت لك حوادث وقعت لي مع أمثالهن.
وابتدأ في سرد قصص كثيرة اندهشت لسماعها، وظننت أن ليس في مصر من الإسكندرية إلى أسوان امرأة عفيفة، فقلت له: لا ثقة لي بامرأة بعد اليوم. - كل النساء خائنات وعبثا الثقة بهن.
فسكت ولم أنطق ببنت شفة، وماذا يريد القارئ أن أقول، وصديقي متزوج له امرأة يغار عليها، وكأنه فطن لما كنت أحدث نفسي به؟ فقال وهو يبتسم: ما الذي أسكتك؟ أيدهشك أني أرمي النساء بالخيانة وبينهن زوجتي؟ ولكن امرأتي يا صاح في مأمن من كل ذلك؛ لأنها تعيش مع أمي، وأمي من النساء اللواتي لا تفلح معهن شدة ولا رجاء.
ثم انقطع حديثنا، وقام أمين لمكتبه، وابتدأت أن أشتغل قليلا بعد أن سألت الخادم أن يأتيني بفنجان قهوة.
غادرت الديوان، وذهبت لأتناول الغذاء في المنزل، ثم خرجت عصر اليوم للقاء أمين في اسبلنددبار، وانتظرته هناك نصف ساعة ثم مللت الانتظار، فقمت لأتمشى في شارع بولاق، فإذا به يموج بالناس من مصريين وإفرنج، ومنهم من يتتبع النساء، ومن النساء من يدخلن حانوت شكوريل أو شملا لشراء حاجياتهن أو بحجة شراء ما تتوق إليه أنفسهن، ثم وقفت أنظر لامرأة مرتدية إزارا بلديا، وتذكرت حديث أمين في الصباح، وقلت في نفسي: ما ضرني لو تبعتها؟! وقد أعجبني قوامها النحيل ولحظها الفاتك، ووطدت العزم على ذلك، وما لبثت أن نفذت ما عزمت عليه.
سرت وراءها طويلا إلى أن وصلنا إلى تلك الحديقة الصغيرة التي يعرفها كل من اعتاد التنزه في شارع بولاق، وهناك اقتربت منها وقلت لها: لقد حق لك ولي أن نستريح، فعلام الإسراع؟
فنظرت إلي ولم تجب، ثم سارت في طريقها، فقلت لها وقد شجعتني نظرتها: إلى أين؟ خففي من سرعتك أيها الملاك الجميل.
فالتفتت إلي مرة ثانية وابتسمت، ثم سارت على مهل، فسرت معها جنبا إلى جنب وقرأتها السلام، فقالت: علام تقتفي أثري؟ - لأحظى منك بكلمة واحدة. - لقد سمعت مني عدة كلمات، فدعني وسر في طريقك. - إن طريقنا واحد.
فابتسمت وقالت: يا لك من أبله!
وتحادثنا طويلا، ثم سألتها أن نذهب لمصر الجديدة، فقبلت ببشاشة وسرور، ورجعنا أدراجنا إلى محطة المترو. وصلنا مصر الجديدة بعد عشرين دقيقة، ودخلنا لونا بارك، وصعدنا على الجبل الروسي راكبين القطار الصغير، فكانت تمسك بملابسي كلما صعد بنا القطار أو هبط، وغادرنا لونا بارك فأظهرت لي عند بابه الميل للعودة للقاهرة، فقلت لها وأنا أستعطفها: علام هذا الإسراع والساعة لم تدق السابعة بعد؟ أينتظرك أحد في المنزل؟ - كلا إن زوجي لا يتعشى في المنزل. - فلنقض معا إذن ساعة أخرى.
Bog aan la aqoon