ولا نجد ذكرا في النقوش اليمنية للكنديين؛ ولكن الذي نستخلصه مما كتبه العرب هو: أن الكنديين كانوا يعيشون في الأصل في بلاد اليمن، ثم تفرقوا فنزلوا إلى حضرموت، وساكنوا الحضرميين في موضع يعرف بكندة وهو الذي ينسبون إليه، ثم حدث بينهم وبين الحضرميين خلاف وحروب كادت تأتي عليهم، ثم ضعفت كندة وظهر عجزها عن مواصلة الحرب، فهاجروا إلى الشمال، وتصادف في ذلك الوقت أن خلافا وقع في قبيلة بكر التي تسكن شمال نجد فغلب السفهاء فيها على العقلاء، وأكل القوي الضعيف، فلجأ زعماؤها إلى تبع اليمن حسان، وطلبوا إليه أن يولي عليهم ملكا، فاختار حجر بن عمرو زعيم الكنديين وكان أخاه من الرضاع أو أخا غير شقيق له، وكان ذا رأي ووجاهة، وهو أول ملوك الكنديين في أغلب الروايات.
حجر بن عمرو الملقب بآكل المرار حوالي 480م
قدم حجر إلى نجد وكان المناذرة قد ملكوا كثيرا منها، ولا سيما مواطن البكريين فحاربهم واستخلصها منهم، فأجمع القوم على احترامه، وما زال كذلك حتى مات، ويقال إنه لقب بآكل المرار؛ لأنه بلغه أمرا أغضبه فاستشاط غضبا، وجعل يأكل المرار (وهو نبات مر إذا أكلته الإبل تقلصت مشافرها).
وبعد موت حجر ولي ابنه عمرو بن حجر مكانه، ولم يضف إلى المملكة أو الحلف قبائل جديدة ومن أجل ذلك سمي بالمقصور.
الحارث بن عمرو
ولي بعد أبيه عمرو، وهو أشجع ملوك كندة، كان معاصرا لقباذ ملك الفرس وكان ملكا كثير المطامع، في أيامه فتح الأحباش اليمن، وأذهبوا دولة التبابعة، فضعف شأن ملوك كندة؛ لأنهم إنما كانوا يستمدون نفوذهم من اليمن، فوجه الحارث التفاته إلى المناذرة، وما زال يحسدهم على تقربهم من الأكاسرة، ويترقب الفرص لضم الحيرة إلى دولته حتى حانت عندما تغير قباذ ملك الفرس على المنذر الثالث وطرده من الحيرة بسبب رفضه اعتناق المزدكية، فاعتنقها الحارث وظفر من قباذ بتوليته الحيرة بدلا من المنذر كما بينا ذلك آنفا؛ ولقد رحبت قبائل معد وغيرها بملكه على الحيرة وتقربوا إليه بالطاعة، وطلبوا إليه أن يولي عليهم من أبنائه من يحكمهم ليبطل ما قام بينهم من القتل، ففرق أولاده فيهم على النحو الآتي: (1)
حجر بن الحارث على أسد وغطفان. (2)
شرحبيل بن الحارث على بكر بن وائل بأسرها. (3)
معد يكرب بن الحارث على قيس عيلان بأسرها. (4)
سلمة بن الحارث على تغلب والنمر بن قاسط.
Bog aan la aqoon