اليمن والحجاز وتهامة «وتسمى أيضا الغور» ونجد واليمامة «وتسمى أيضا العروض»، وأضاف بعض الكتاب قسما سادسا هو البحرين «ويسمى أيضا هجر»، وهو في نظر بعض الكتاب جزء من اليمامة، وفي نظر آخرين جزء من العراق، وقصر بعض الكتاب التقسيم على قسمين فقط هما: اليمن والحجاز، وجعل القسم الثاني يشتمل على تهامة ونجد واليمامة، وذكر الهمداني في كتابه «صفة جزيرة العرب» - بعد أن شرح التفصيل الخماسي الأول - تفصيل هذه الجزيرة عند أهل اليمن فقال ما نصه:
هي عند أهل اليمن يمن وشأم؛ فجنوبها اليمن وشمالها الشأم، ونجد وتهامة؛ فالنجد ما أنجد منها عن السراة وظهر من رءوسها ذاهبا إلى المشرق في استواء دون ما يتمدد إلى العروض، وحجاز وهو ما حجز بين اليمن والشأم، وسراة وهو ما استوثق واستطال في الأرض حيال هذه الجزيرة مشبها بسراة الأديم، وعروض وهو ما أعرض عن هذه المواضع شرقا إلى حيث شمال المشرق، وعراق وشحر، فالعراق ما حاذى المياه العذبة والبحر من الأرض، مأخوذ من عراق الدلو، والشحر مأخوذ من شحر الأرض وهو سبخ الأرض ومنابت الحموض. ا.ه.
وسنتبع نحن التقسيم الأول؛ لأن إجماع الكتاب القدامى والحديثين يكاد ينعقد عليه، ولأنه أكثر انطباقا على الحالة الطبيعية لشبه الجزيرة، وهذا بصرف النظر عن أن جغرافي العرب لم يحددوا هذه الأجزاء بحدود ثابتة.
وسنعالج فيما يلي كل قسم من هذه الأقسام الخمسة: (4-1) اليمن
وكان يسميها الأقدمون بلاد العرب السعيدة واليمن الخضراء. قال الهمداني: «وسميت اليمن الخضراء لكثرة أشجارها وثمارها وزروعها.»
وأما سبب تسميتها باليمن ففيه قولان؛ قول يقول: لأنها تقع إلى يمين الكعبة، وآخر يقول: لأنها بلاد اليمن والخير والبركة.
وهي تمتد على طول المحيط الهندي، ويحدها البحر الأحمر من ناحية الغرب، والحجاز من الشمال، وفيها التهائم والنجد.
وتتكون بلاد اليمن من عدة أقسام صغرى، أهمها: حضرموت وشحر وعمان ونجران، وتنفرد شحر من هذه الأقسام بإنتاج البخور، وأهم مدن اليمن صنعاء، وهي مدينة قديمة جدا ذات موقع ممتاز.
ولبلاد اليمن شهرة قديمة بسبب جودة مناخها، وخصوبة تربتها وغناها، ولقد ذكر «استرابون» أن أوصافها هذه أغرت الإسكندر المقدوني بفتحها، إلا أنه أرجأ هذا الفتح إلى ما بعد عودته من حملة الهند، ولكن المنية عاجلته في بابل فلم ينفذ تصميمه.
على أن فريقا من المستشرقين، يعتقد أن ما نسب إلى اليمن من غنى وخصب مبالغ فيه، وأن معظم الحاصلات التي كان يظن أن بلاد اليمن هي مصدرها، إنما كان يستجلبها العرب والمصريون الذين كانوا يحتكرون التجارة في البحر الأحمر، من جزائر الهند وسواحل أفريقيا الشرقية، وأنهم كانوا يخفون هذا عن جيرانهم، حتى لا يزاحموهم في الحصول عليها من هذه الأنحاء.
Bog aan la aqoon