لم يكن نصيب الشمال من اهتمام علماء الآثار بأقل من نصيب الجنوب، وذلك على الرغم من أن وسائل البحث العلمي ومسهلاته لم تكن ميسورة لدى هؤلاء العلماء، فلقد كشف العلامة دوتي
Doughty
سنة 1876 عددا من المقابر النبطية المحفورة في مدائن صالح ورسمها ونقل نقوشها، كما كشف برتن
Burton
سنة 1877 مقابر نبطية أخرى أثناء فحصه عن مناجم الذهب في مدين، وعثر بعض الكاشفين على مقابر رومانية في حدود الحجاز الشمالية، وفي تيماء عثر هوبير سنة 1883 على النقش السامي المشهور المحفوظ الآن في متحف اللوفر، وعثر دوتي أثناء جولاته بين خيبر والحائل على عدة قبور قديمة معلمة بحجارة مستطيلة رأسية، وفي بعض بلاد نجد كشف بلي
Bely
عن عمود مسيحي حطمه الوهابيون، وتوجد في وادي سرحان بعض الآثار الرومانية والعربية القديمة وهي أبنية من البازلت عليها نقوش، وعلى مقربة من الطائف عثر دوتي على مشروع تمثال هائل على صورة آدمي يرجع إلى عصر ما قبل التاريخ، وقد قرر هو وآخرون أنه كان بالطائف تمثالان من الحجر لا شكل لهما كان يعبدهما القدماء على أنهما اللات والعزى وقد حطمهما الوهابيون، ويظن أن ثالث هذين التمثالين - وهو تمثال مناة الذي قد يرجع إلى عصر ما قبل التاريخ أيضا - يوجد إلى الجنوب من الطائف، وقد كان لأمنا «حواء» قبر في جدة حطمه الوهابيون سنة 1927.
هذا؛ وقبل أن ننتقل إلى الكلام عن الآثار خارج شبه الجزيرة، يجدر بنا أن نشير إلى أن العلماء يرجحون أن مدنا هائلة لا تزال مطمورة تحت رمال «الربع الخالي»، وأن أكبر خدمة تؤدى لتاريخ العرب قبل الإسلام هي أن تعبد للعلماء سبيل الكشف عن هذه الآثار.
ولقد أرسلت كلية الآداب في صيف 1936 بعثة للتنقيب عن آثار اليمن. (2-8) الآثار خارج الجزيرة
أو بعبارة أدق المصادر المنقوشة على الآثار خارج بلاد العرب، والتي تشير من قرب أو بعد إلى أحوال العرب وتاريخهم، فقد حصل في آثار بابل على نقوش بالخط المسماري تشير إلى دول تولت حكم بابل يرى بعض المؤرخين أنها عربية، كما أن بعض المؤرخين يحاول أن يصف الهكسوس الذين فتحوا مصر في أواخر الأسرة 13 (حوالي سنة 1675ق.م) بأنهم عرب مع أن الكشوف الحديثة تؤيد أنهم من آسيا الصغرى، وأنهم تحركوا على أثر اضطرابات هجرية كان منشئوها سهول أوروبا الوسطى.
Bog aan la aqoon