من ذكر ابن المعتز إن شاء الله.
~~ثم جد ابن المعتز في الركوب إلى «الحسني» فقدم محمد بن داود بن الجراح بين يديه، وابن عمرويه صاحب الشرطة، ومعه خلق من الجند فخرجوا إلى الشارع فلقيهم جماعة مقن الغلمان، ومن الحشم، فرموهم ومنعوهم من التقرب، وأكب العامة بالرجم ولم يجدوا مخلصا ولا متسلطا ووجه المقتدر بشذوات (1) وطيارات وفيها غلمان ومعه خاله «غريب»، فصاعدث، فلما قاربت الدار التي فيها ابن المعتز ومعهم المطارد ضجوا، وكبر العامة حول دار عبد الله، فجعل الناس يتسللون لواذا ويرمون أنفسهم في السماريات، وهرب ابن المعتز، ومحمد بن داود، وسائر القواد الذين بايعوه وانشغل أصحاب المقتدر بالله بمحاربة الحسين بن حمدان [25 ب] بناحية الحلبة عن طلبهم، فما زال الحسين يحاربهم إلى الظهر ثم أصابه سهم نزف منه، ثم بلغه تفرق أصحابه فرجع إلى داره بناحية باب عمار، فأخذ كل الذي أراده، ولزم طريق «شر من رأى» ومعه جماعة من القواد، وجعل يتلهف على ابن المعتز ألا يلحق به ، وتوقف تأميلا لذلك. وكان ابن المعتز وقت هربه قد تلثم، فعرفه خادم لابن الجصاص، وكان ابن الجصاص ممن تابعه وحضر داره فأومى إليه، فمضى معه إلى دار ابن الجصاص فعلم بخبر بعض غلمان ابن الجصاص، فسعى بابن المعتز، وقد قيل إن ابن الجصاص أمره بذلك، فوجه من أخذ ابن المعتز وحدره في طيار إلى باب الخاصة.
~~قال أبو بكر: فوقفت حتى رأيته من حيث لم يرني وقد أخرج من الطيار حافيا عليه غلالة قصب، فوقها مبطنة ملحم خراسانى إلى الصفرة قليلا، وعلى رأسه مجلسية، فلما صار إلى سمسنوهه واقف عند باب الخاصة لطمه فانكب [26آ] على وجهه. فجعل جماعة يقولون: ما معنى هذا؟ الذي يراد به أعظم ولكنه عم الخليفة، وابن عم الخليفة، وابن عم أبيه لا يجب أن يستخف به أحد، والله لو كان المعتضد حيا وبلغه هذا لقطع يد سوسن. فأدخل ابن المعتز الحبس، فمات بعد أيام فوجه به إلى داره بالصراة فغسل وكفن ودفن.
~~قال أبو بكر: وصلى عليه أبو الحسين العلوي المعروف بابن البصري وكان جار وصديقه، وصلى عليه خلق من جيرانه، وإخوانه، ودفن في داره. فلما صلح أمر أخيه حمزة بن المعتز وأقطع ما كان لأخيه نبشه وحوله من الدار. وقال علي بن محمد بن بسام:
لله درك من ميت بمضيعة
ناهيك في العلم والآداب والحسبل
ما فيه لؤ ولا ليت فتنقصه
وإنما أدركثه حرفه الأدب
Bogga 42