Waa Maxay Sinima
ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان
Noocyada
من بين القطاعات الثلاثة المكونة لظاهرة الفيلم، العرض هو القطاع الذي يواجه فيه أسلوب تفكير بازان خطر الانقطاع أو التجاهل. هل جلبت الحقبة الرقمية معها تغييرا جذريا في كيفية عرض الأفلام لدرجة أنه ينبغي ألا نتوقع بعد ذلك أفلاما مماثلة؟ أي إنه ينبغي حتى ألا نفترض بعد ذلك أن تكون الظاهرة متعلقة بالسينما التي كانت تعرف من قبل؟
أعلنت تحولات حاسمة بشأن لحظات أخرى. يقسم جيل دولوز تاريخ الأفلام أثناء الحرب العالمية الثانية إلى عصر صورة الحركة، وعصر صورة الزمن. وشهد بازان هذا الانقسام المميز؛ حيث استخدم مصطلح «كلاسيكي» بصراحة للإشارة إلى «الديكوباج» (أسلوب هوليوود الكلاسيكي)، ومصطلح «حديث» لتعريف منهج رينوار والواقعيين الجدد الصاعد حديثا. ما أطلق عليه وصف «حديث»، على سبيل المثال، هو ما أعرضه هنا بوصفه أكثر نهوج الوسيط السينمائي رسوخا، وهو نهج نضج بعد عام 1945، لكنه غير مقيد بتلك اللحظة. باتخاذ اللقطات بدلا من الصور أساسا، يمكن إعادة كتابة تاريخ السينما، بحيث ينظر إلى أعمال العشرينيات من القرن العشرين التي أخرجها فلارتي وإريك فون شتروهايم بشكل حداثي، قبل ظهور المفهوم، تماما مثلما أعتقد أن ذلك النهج يستمر فيما بعد الحداثة في أفلام جيا جونج-كي وهو تشياو تشين.
تشير هذه المصطلحات الخام، حينما نستخدمها بمرونة وبقدر كاف من التشكك، إلى مجموعات وأنماط من الأفكار عن التغيرات في الفنون والثقافة. على سبيل المثال، بينما مرت بتطورها الخاص من الكلاسيكي إلى الحديث وما بعده، فإنه يجب النظر إليها إجمالا بوصفها وسيطا عظيما من العصر الحديث في الامتداد الزمني الطويل للثقافة الغربية الذي ذكره ريجيز دوبري في كتابه «حياة الصورة وموتها».
1
كانت اللوحات الزيتية هي المقياس الأعلى في أوروبا الكلاسيكية من عصر النهضة إلى الحركة الرومانسية، حتى خسرت أولويتها لصالح التصوير الذي استهل العصر الحديث في عام 1839. كان كل شكل من أشكال التمثيل في العصر الحديث يقاس ضمنيا على الصورة الفوتوغرافية، حتى ظهرت التقنية الرقمية في ثمانينيات القرن العشرين بوصفها نقطة مرجعية للتمثيلات في العصر الحالي.
وعلى الرغم من ادعاء دوبري أن تغييرا كبيرا حدث في آخر عقدين، فمعظم الأفلام اليوم تخطط وتنفذ تماما كما كانت الأفلام منذ الثلاثينيات من القرن العشرين. صحيح أنها تجمع ببرامج تحرير رقمية، وتعرض في أحيان كثيرة لحظات من المؤثرات الخاصة المصنوعة بالكمبيوتر، لكن معظمها يعرض تركيبات عامة قائمة منذ زمن طويل؛ حيث ينخرط الممثلون في مواقف درامية في موقع التصوير أو في الاستوديو. ازدهرت أفلام الصور المتحركة الطويلة بفضل التكنولوجيا الرقمية والنقاد الدائمي البحث عن نقلة في النموذج العام، معلنة بدء عصر ترفيهي جديد يتضح في أفلام جماهيرية مثل «هاري بوتر» أو «أفاتار». لكن الأفلام المعتادة التي تنتج طبقا لقوالب عريقة، تظل هي النمط السائد؛ وإذا كان بناؤها السليولودي قد أبدل، فقد حدث هذا على نحو غير محسوس؛
2
حيث استغل صناع الأفلام وسائل الراحة الرقمية، حتى حينما كانوا ينشرون عن رضا - أو يشوهون بعنف - تقاليد يتقنونها على أي حال. ولذا، وعلى الرغم من أن الخيارات وسعت بقدر هائل لأنواع جديدة من الإنتاجات السمع-مرئية، فمن السابق لأوانه الجزم بأن التصوير والتحرير غيرا السينما تغييرا جذريا لدرجة أن السينما تحولت لشيء جديد تماما. يبدو فيلم «جبل بروكباك» («بروكباك ماونتين»، 2005) مألوفا تماما في هذا الشأن.
لكن الجماهير ربما لم تعد تشعر بالأفلام كما كانت تفعل في العصر السينمائي، وفي هذه الحالة، ربما تكون ثورة حقيقية حدثت في «العرض». ربما أمكن للمخرجين أن يعملوا طبقا لأعراف عريقة، لينتجوا نوعا سينمائيا أو أعمالا إخراجية تضاهي أفضل أفلام الماضي، لكنهم لم يعودوا يستطيعون الاعتماد على الطريقة التي ستستقبل بها صورهم العامة أو حتى تخيل هذه الطريقة بالكامل. يكون عرض الأفلام في دور العرض قصيرا، حتى لفيلم يعتمد على الجودة، تمهيدا لنشره على الوسائط المرئية التي قد تكون مربحة في أحيان كثيرة، لكن ثبت أن التحكم بها أمر صعب. أما المشاهدون المعتادون على التجمع معا تحت الشاشة الكبيرة، فهم يجعلون الفيلم تحت رحمتهم، بمشاهدته كيفما ومتى ما يشاءون، بمفردهم غالبا، أو بصحبة أفراد العائلة والأصدقاء؛ حيث يمكنهم إيقاف الفيلم، أو إعادة مشهد ما، أو حتى تعديله وفق اختيارهم. حينما سئل جان-لوك جودار عن الآثار المدمرة المحتملة للتكنولوجيا الرقمية على السينما، صرح بلا تردد بأنه لم يتغير أي شيء أساسي في مرحلة إنتاج الفيلم، لكن تجربة مشاهدة الفيلم نفسها في خطر داهم. ومن وجهة نظره، فالسينما، بوصفها سينما، لا توجد إلا في فضاء عام؛ حيث يجلس جمهور متنوع ساكنا، بينما يرسل مشغل آلة العرض من فوق رءوسهم صورا تصور عالما مكبرا. وأضاف ساخرا: «ينظر المرء لأعلى في السينما ولأسفل على التليفزيون.»
3
Bog aan la aqoon