Waa Maxay Sinima
ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان
Noocyada
30
يفند بازان هنا بوضوح، باتباعه السرياليين، تصنيفات سارتر الأساسية للحضور والغياب باستخدام أثر هلوسة؛ وبرأيه، فهذه هي الحالة الاعتيادية للتصوير الفوتوغرافي. سيستهدف سارتر لاحقا السريالية ببعض من أشرس هجماته بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة. كان بإمكان فيلسوف كلاسيكي مثل سارتر أن يرجع الأمور في عام 1943 لتصنيفين وهما «الوجود والعدم»، لكن، كما رد بازان بعد سنوات، «من وجهة نظر رجل الشارع ... يمكن أن تكون كلمة «الحضور» اليوم ملتبسة ... لم تعد كلمة مؤكدة كما كانت لأنه لا توجد مرحلة متوسطة بين الحضور والغياب ... من الخطأ قول إن الشاشة عاجزة عن وضعنا «في حضرة» الممثل. إنها تفعل هذا كما تفعله مرآة - يجب الاعتراف بأن المرآة تعيد حضور الشخص المنعكس فيها - لكنها مرآة بانعكاس متأخر، أو ورق الألومنيوم الذي يحفظ الصورة.»
31
يعتبر لويس-جورج شفارتس هذه المقولة نبوءة واضحة بفلسفة دريدا عن الأثر والإرجاء.
32
لا يتوقف بازان عند الصورة، وهي وسيط لم يناقشه مرة أخرى بشكل مباشر. في صفحة الملحوظات تلك، انتقل مباشرة للوثائقيات التي كتب أنها «تكمل» الوثيقة بوضعها في محيطها الزماني والمكاني. كان بإمكان الصورة أن تساعد السرياليين جيدا؛ لأنها تنتزع من السياق بالكامل. تكتسب صورة بوافار الشهيرة المقربة لإصبع قدم مفصول عن الجسد التي نشرتها مجلة باتاي «دوكيمون» قوة شاذة. علاوة على ذلك، فإن الصور جاهزة للانتقال لسياقات أخرى كما يحدث في مونتاج الصور. لكن كل إطار من فيلم وثائقي مصور بكاميرا 35 مليمترا يرتبط بالإطار المجاور له، وكل لقطة تشي بوجود علاقات تماس تصف عالما حقيقيا مترابطا. يجعلنا بازان نتأمل لقطة شاملة في قبو لاندرو؛ حيث يمكن أن يحتل هذا الفرن مكانه بين أشياء أخرى كان «اللحية الزرقاء» الغامض يجمعها أو يستخدمها. وقد يتبع ذلك لقطات له في بيته، ثم المبنى والحي الذي كان يقيم فيه. هذا النوع من التوثيق الكلاسيكي يثبت موضوعه في المكان، رغم أنه غائب عنا في الزمن. تقول الفيلسوفة الفرنسية ماري جوزيه موندزان إن الفيلم الوثائقي يتصور موضوعه بدلا من أن يتضمنه، ويحيط غيابه بالضوء والظل.
33
الصورة والفيلم - الوثيقة والوثائقي - كلاهما يفصلان بالتساوي عن موضوعاتهما من حيث الزمن. فمن خلال التصوير في يوم، والتحميض لاحقا، لا مفر من الشعور بهما على مسافة زمنية. وكلما زادت هذه المسافة زاد سحر الصورة في أغلب الأحيان؛ حيث تبدو روح الشخص الذي تصوره وقد التقطها الضوء والظل اللذان التقطتهما الكاميرا هما أيضا في لحظة معينة صارت بعيدة. يغير التليفزيون كل هذا، كما يشير بازان في الجملة الأخيرة المفاجئة في صفحة ملحوظاته؛ لأنه إذا ما عرض في التليفزيون «يصبح الوثائقي معاصرا للمشاهد» الذي «يدفع للمشاركة في حدث» يحدث مباشرة أمام الكاميرا. يعمل التليفزيون بشكل أساسي على عرض ما سجل في وقت سابق، لكن أهميته النظرية من وجهة نظر بازان تكمن في قدرته على عرض التواقت، وهو ما لم يزل يستغل في الأحداث الرياضية، وحفلات توزيع جوائز الأوسكار، والأخبار القصيرة خلال الكوارث، وهكذا. في آخر حياته القصيرة خاصة، حينما كان يضطر مرارا إلى لزوم الفراش، كان لدى بازان الكثير ليقوله عن التليفزيون، شأنه شأن سيرج داني الذي ترك مجلة «كاييه دو سينما» ليبدأ في النقد التليفزيوني. برأي الرجلين، فإن مشهد السينما المتأخر متأصل في طبيعتها التأملية بالأساس. تعود الصورة لنا بعد فترة، مرددة صدى من الماضي، وسامحة للمشاهد بأن يتأمله بدوره أكثر من أن «يشارك فيه» كما نفعل مع التليفزيون الحي. التليفزيون حاضر أمامنا، ومذيع الأخبار يتحدث إلينا في بيوتنا في هذه اللحظة عينها؛ بينما نتوجه إلى دار السينما حينما نريد، وننقل حينئذ إلى زمن آخر «يعاد تقديمه»، ولا «يقدم» مباشرة على شاشة عاكسة.
تستغل السينما الحديثة، من الواقعية الجديدة، مرورا ب «الموجة الجديدة»، وحتى يومنا، هذا الفرق في التركيب الزمني للصورة المرئية مرارا. وبينما يذكر فيلم «الأربعمائة ضربة» بسبب صورته النهائية الثابتة - الخاتمة الفوتوغرافية للفيلم - فإنه يحوي أيضا المشهد المميز الذي يظهر فيه أنطوان دوانيل يرد على عالم نفس اجتماعي. يحاكي الحوار المرتجل ، والقفزات في الصورة التي تدل على الحذوفات في لقطة فردية طويلة، الطبيعة المباشرة للتليفزيون الحي، ويساعدان على ترسيخ حساسية تروفو الخاصة تجاه التعايش ما بين التلقائية والرثاء؛ ما بين الحياة والاعتراف بمرورها. هناك مجموعات أخرى لا تحصى من التضاد بين الصور يمكنها التنافس على شاشة السينما.
34
Bog aan la aqoon