Xujada Cishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Noocyada
27
فالأنثى الكونية المخصبة التي وهبت الشجر هي التي تهب النار الكامنة فيه، قدرة نماء وطاقة ليبيدية كونية تشد الأحياء إلى بعضهم بعضا لاستمرار الفصائل والأجناس. وعشتار الخضراء روح الغاب وروح القمر، هي الآن سيدة الشعلة الدائمة، رمز النفس الحية المتوقدة للكون.
خشي إنسان العصر الحجري انطفاء النار لصعوبة الحصول عليها وإعادة إشعالها، كما خشي انطفاءها لأنها قبس من الأم الكبرى وبركة، فكان انطفاؤها انقطاعا لما بينه وبينها، وانفصالا للعهد الذي قطعته له بالحفاظ على حياته ورعاية معاشه، لهذا كان للقبيل البدائي شعلته الدائمة التي ترعاها النساء، حولها يجتمع أفراد الجماعة مساء، فتخفف من وحشتهم وتجمع شملهم. فالنار كالأنثى الأم، مركز جذب وعامل تأليف. وعندما توسع القبيل، صار لكل بيت شعلته الدائمة التي لا تنطفئ، رمز لوحدة العائلة واجتماعها حول الأم وحول موقد البيت؛ فإذا أراد أحد أفراد العائلة الزواج وتكوين بيت مستقل، حمل من موقد أهله شعلة وضعها في سكنه الجديد؛ توكيدا على صلته التي لن تنقطع رغم بعده. ومع اكتشاف الزراعة، صارت الشعلة العشتارية عنصرا أساسيا في طقوس الخصب، حيث كان المزارعون يطوفون الحقول ليلا بمشاعلهم المتقدة، لبث روح سيدة الشعلة في الأرض، وتفجير الحياة في البذور الصماء.
وقد استمرت هذه الطقوس قائمة في العصر الحديث لدى القبائل البدائية، كما هو الحال لدى قبائل الهنود الحمر في أمريكا الشمالية وقبائل البازوتو والزوني وغيرهم،
28
مما يدل على أصولها المغرقة في القدم.
عندما انتقلت عشتار من بيت المزارع القديم وحقله إلى معابد المدن، انتقلت معها شعلتها المقدسة الدائمة الاتقاد، وصار للنار العشتارية كاهنات عذراوات متفرغات لحراستها والإبقاء على جذوتها، وإقامة الطقوس الخاصة بها. وأخذت الأعمال التشكيلية تصور الأم الكبرى وبيدها مشعل، كما هو الحال في تماثيل ورسوم ديمتر (شكل رقم
4-14 )، وأرتميس (شكل رقم
4-12 )، وبيرسفوني (شكل رقم
4-8 ) وهيقات وديانا.
Bog aan la aqoon