Xujada Cishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Noocyada
2-14 ، حيث نجد الإلهة في وضعية الوقوف ترفع بيديها الاثنتين فأسين مزدوجين، وتيارات من الحليب تنثال من ثدييها العاريين فيسقيان الأرض، وعن يمينها وشمالها زمرتان من العباد في وضعية الصلاة.
في الثقافة الإغريقية، بقيت الأم الأولى لما قبل العصر الهيليني قائمة في شخصية الإلهة «جايا» الأم-الأرض، إلا أن هذه، كمثيلاتها في الثقافات الذكرية الأخرى، قد استمرت شخصية أسطورية بلا ظل ولا عبادة، بينما تقاسمت «ديمتر» و«أرتميس» و«أفروديت» الخصائص الطبيعية للأم القديمة. فكانت «أرتميس» إلهة الغاب والبراري والأرض البكر، «وديمتر» إلهة الأرض المزروعة ودورة الطبيعة، «وأفروديت» إلهة التكاثر والحب الجنسي.
شكل 2-14: الأم الكبرى الكريتية 1500 (ق.م.).
كانت «جايا» الأرض، أول من انبثق من الشواش والعماء الأول. أول مواليدها كان كرونوس، السماء الذي غطاها من جميع جهاتها. بعد ذلك تفرغت لخلق العالم فصنعت الجبال والأنهار والبحار، وبقية مظاهر المادة، ومنها تناسل بقية الآلهة. ويبدو من ترتيلة هوميرية أن هذه الإلهة كانت أول معبودات الإغريق. يقول مطلع الترتيلة: «غنوا لجايا، أم الكون، وأقدم الآلهة.»
35
ولعلنا واجدون في أرتميس مدينة إفسوس الإغريقية في آسيا الصغرى، صورة عن الأم الشرقية الكبرى. فأرتميس هنا لا تبدو كإلهة للطبيعة البكر، بل كأم زراعية كبرى تصورها تماثيل إفسوس في هيئة ممتلئة وقد تزاحم في صدرها عشرات الأثداء (الشكل
2-15 ) تماما كالجرة الفخارية الموضحة في الشكل
2-11 .
شكل 2-15: أرتميس - إفسوس.
غير أن الديانات الذكرية المتطرفة قد حاولت أن تجتث تماما صورة الأم الكبرى من نظامها الأسطوري، كما هو الحال في ديانة العبرانيين بشكلها التوراتي المتأخر. فهنا لا نكاد نجد ما يذكر بالأم الكبرى سوى أثر باهت باق في شخصية حواء التي حولتها الأسطورة التوراتية من مبدأ للكون إلى مجرد أم للجنس البشري. وحتى أمومتها هذه ليست أمومة أصلية؛ لأنها هي نفسها مولودة من الذكر آدم؛ مأخوذة من ضلعه. وبذلك يبلغ تحوير أسطورة الأم الكبرى أبعد غاياته بتجريدها حتى من أمومة البشر، وإعطاء آدم فضل الأبوة والأمومة، الأبوة لإنجابه الجنس البشري بواسطة حواء، والأمومة لإنجابه حواء نفسها.
Bog aan la aqoon