Xujada Cishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Noocyada
وفي رسائل بولص الرسول: «إن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا وشكر فكسر وقال: خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم. اصنعوا هذا لذكري، كذلك الكأس أيضا بعدما تعشوا قائلا: هذا الكأس هي العهد الجديد بدمي. اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري، فإنكم إن أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء .»
44
إن طقس التناول ليس استعادة لذكرى فداء المسيح، بل هو إعادة. فالسيد المسيح لم يبذل جسده ودمه في لحظة معينة من التاريخ، بل إنه يبذلهما من أجل البشر في كل مرة يجتمعون من أجل المناولة إلى فناء الأكوان، والخبز والخمر اللذان يتناولهما المجتمعون، هما خبز وخمر من النوع العادي الذي يألفونه في حياتهم اليومية، إلا أن إيمانهم بسر الفداء يعطي لهذه المادة العادية رمزا كبيرا ويحولها إلى فكرة؛ ذلك أن أكل جسد المسيح في شكل خبز القربان المقدس، وشرب دمه في شكل خمرة الكرمة، ليس توحدا مع المسيح في الجسد، بل توحد معه في الجوهر من طريق الإيمان، وتثبيت للإلهي في الروح البشرية. نقرأ في إنجيل يوحنا: «اثبتوا في وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضا، إن لم تثبتوا في. أنا الكرمة وأنتم الأغصان. الذي يثبت في وأنا فيه، هذا يأتي بثمر كثير.»
45
إن اللحظة التي يتناول فيها المجتمعون الخبز والخمر في إيمان كامل بأن ما يأخذونه إليهم هو جسد الفادي ودمه، لتضعهم خارج الزمان وخارج المكان في ومضة خاطفة، وتفتح لهم بوابة على الأبدية، وتجدد العهد ما بينهم وبين المخلص.
إن تفرد سر التناول المسيحي، في مضمونه وغاياته، لا ينفي اعتماده على الأسرار السابقة والمعاصرة له إبان تشكله، وعلى طقوس دينية أخرى موغلة في القدم. ففي الفصل السابق رأينا كيف أن القربان البشري لم يكن إلا تمثيلا للقربان الإلهي. كما رأينا أن التضحية بالملك الذي حلت فيه روح الإله، أو في ابنه، أو في أي قربان بشري آخر يقوم مقامه، ليست إلا حدثا يجري في تزامن وتواقت مع موت الإله نفسه. لذلك كان لجسد القربان البشري طابع القداسة، فما إن يتم تنصيب الملك الجديد الذي سيقتل بعد مدة محددة، أو يتم تخصيص شخص ما ليكون موضوعا للقربان، حتى يفقد الشخص المهيأ للموت مع الإله خصائصه البشرية، ويغدو جزءا من الإله نفسه. من هنا كان أكل جزء من جسد القربان عقب قتله، هو أكل لجسد الإله نفسه في سعي للتوحد معه. والشيء نفسه ينطبق على القربان الحيواني الذي يقتل كممثل للإله، ثم يؤكل لحمه طقسيا لاكتساب القداسة التي حلت فيه. وفي هذا المجال نذكر بطقوس ديونيسيوس التي كان عباده خلالها يأتون بثور حي يمثل الإله فيمزقونه إربا ويأكلونه. كما كان عباد أدونيس في سوريا يذبحون في عيده الخنزير، وهو رمز الإله نفسه، ويأكلونه في وليمة طقسية رغم أن لحمه كان محرما عليهم في الأوقات العادية، وخارج هذه المناسبة.
على أن التضحية الفعلية بإنسان أو حيوان، لم تكن دوما عنصرا أساسيا في طقوس التناول؛ ففي بعض ديانات الخلاص كان يكتفى بصنع نوع خاص مقدس من الخبز يمثل جسد الإله، يتم أكله في الاحتفال الديني، كما هو الأمر في طقوس ديمتر أم القمح، التي أشرنا إليها في مكان آخر من هذا الفصل، وفي طقوس ميترا حيث تظهر بعض الرسوم القائمين بالطقس، وقد وضعوا أمامهم على المائدة أرغفة رسم عليها شكل الصليب.
46
وبعيدا عن حضارات العالم القديم، فإن ثقافات القارة الأمريكية تمدنا بأمثلة عدة عن طقوس أكل جسد الإله. ففي ثقافة الآزتيك في المكسيك، كانت طقوس العشاء المقدس تتم مرتين، الأولى في كانون الأول (ديسمبر)، والأخرى: في أيار (مايو)، حيث يصنع المحتفلون في كل مرة دمية من عجين مصنوع من دقيق عدد متنوع من الحبوب، تمثل الإله الأكبر، ثم توضع الدمية على المذبح الرئيسي في المعبد ليلة الاحتفال، ويحرق حولها البخور طيلة الليل، ويقيم أمامها الكهنة طقوسا خاصة، حتى إذا جاء الصباح حملت إلى قاعة كبيرة يحتشد فيها النساء، ويأتي الكاهن الأكبر فيرمي صدر الدمية بسهم ويتقدم فينتزع قلبها ويقدمه للملك، ثم يقسم بقية الجسد إلى قطع صغيرة يوزعها على بقية الموجودين فيأكلونها في حزن وخشوع، ويصلون قائلين: إنهم يأكلون جسد الإله وعظامه.
47
Bog aan la aqoon