Xujada Cishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Noocyada
عندما خفتت نبضات المراكز الثقافية للعصر الباليوليتي، أعطت تلك المراكز طاقتها لنبض واحد قوي مركزه الشرق الأدنى القديم. وانتقلت عشتار إلى مستقرات الإنسان الأولى في سوريا، حيث بدأت تماثيلها الطينية الصغيرة تظهر عند عتبات العصر النيوليتي، عصر الزراعة. فإذا كانت الأم الكبرى للعصر الباليوليتي تمثل الطبيعة البكر بمياهها وأمطارها ومروجها وشجرها وعواصفها وبرقها ورعدها، فإن عشتار العصر النيوليتي ستغدو إلهة الطبيعة المنظمة التي تتعهدها يد الإنسان ويساهم جهده في توجيه غاياتها، دون أن تفقد خصائصها الأولى. إنها الآن سيدة الدورة الزراعية ومركز للديانة الزراعية الأولى التي ستغدو مصدرا للديانات اللاحقة. وكما كانت عشتار سيدة مطلقة للعصر الباليوليتي، كذلك ستغدو سيدة مطلقة للعصر النيوليتي في حقبته الأولى ما قبل الفخارية، خلال الألفين الثامن والسابع قبل الميلاد. ومنذ الألف السادس قبل الميلاد سيبدأ الإله الابن ظهوره معها، وتبدأ الأعمال التشكيلية في رسمهما معا بعد أن كانت وقفا على الأم وحدها.
حافظت تماثيل عشتار في العصر النيوليتي على كثير من خصائص تماثيل عشتار العصر الباليوليتي، وذلك من حيث التركيز على مناطق الخصوبة وإبرازها في مقابل بقية الأعضاء (الأشكال
2-3 ،
2-4 ،
2-5 ). كما ظهرت منذ مطلع الألف الثامن الوضعية التي غدت كلاسيكية فيما بعد، وهي وضعية عشتار الممسكة بثدييها العاريين (الشكل
2-4 )، والتي سنجدها خلال الفترات اللاحقة لدى كل ثقافات الشرق القديم تقريبا كرمز لخصب الإلهة الأم. ولقد أعطتنا التنقيبات الأثرية في مواقع الألف الثامن والألف السابع (وبعضها ما زال جاريا اليوم) الكثير من هذه التماثيل، كما هو الأمر في المنحطة والبيضا في الأردن، وأريحا ووادي فلاح والخيام في فلسطين، وتل أسود وتل رماد وتل المريبط في سوريا، وشتال حيوك وهيجيلار في جنوب الأناضول وغيرها.
شكل 2-3: الأم السورية الكبرى.
تل أسود قرب دمشق.
شكل 2-4: الأم السورية الكبرى.
تل المريبط على الفرات.
Bog aan la aqoon