Xujada Cishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Noocyada
ولكنهم بلا شك قد خبروا تجربة فريدة هزت كيانهم وبدلت حياتهم المادية والروحية. تقول إحدى التراتيل الديمترية عن طقوس العبور الكبرى: «لقد رأى النعمة الإلهية من شهد هذه الأسرار، وعاش في الضلالة من لم يشارك بها وسد في وجهه الطريق. تعيسا يهبط إلى غياهب الظلمة والديجور.»
8
وتضع الأسطورة على لسان البطل هرقل، الذي مر بأسرار إيليوسيس قبل نزوله إلى العالم الأسفل، قوله: «لقد نجحت لأني قد رأيت ما رأيت في إيليوسيس.»
9
إن تمثيل الدراما الإلهية في طقوس الأسرار أو تلاوتها من قبل المنشدين، إنما يتخذ في هذه الطقوس دورا مركزيا أساسيا في التحضير لتلقي الحقائق الكامنة وراء كل عمل من أعمال الإلهة الممثلة في الدراما. وإن ما تحاول الأسرار أن تنقله للمريد المشارك، هو أن الأسطورة رغم شكلها الخارجي كتتابع لأحداث إلهية تروى في صيغة الماضي، فإنها حقيقة أزلية وحاضر مستمر حي لا يتحول أبدا إلى ماض ميت، وأن أحداثها تلك ليست إلا تعبيرا عن حقائق جوهرية من حقائق النفس والروح والوجود الكلي. هنا فقط تستطيع الأسطورة أن تمارس دورها الفعلي كمعلم روحي، لا كقصة تصف أحداثا تعاقبت في زمن ما ، لا تربطنا به رابطة. وهنا فقط يشعر المريد في الأسرار الديمترية أن الإلهتين حاضرتان معه الآن والساعة، وأنهما جزء لا يتجزأ من كيانه؛ لأنهما وحدة الحياة والموت في جسده وروحه، وتحول كل منهما إلى الآخر في حركة دائبة. لقد حاولت الأسرار الديمترية أن تعيد الوحدة القديمة بين الإله والإنسان، في زمن بدأت فيه الأسطورة بالتحول إلى لاهوت وتعاليم، إلى جثة هامدة لا بهاء فيها ولا ألق.
الابن المخلص
بعدما حل الإله الابن محل الأم الكبرى كبطل رئيسي في درام الخصب السنوي، حل محلها أيضا كبطل رئيس في درام الخلاص، وصار الإله الذي دفعت به إنانا إلى العالم الأسفل من أجل ضمان استمرار الدورة الزراعية، إلها مخلصا للبشر من ربقة الموت. لقد بذلت عشتار ابنها الوحيد من أجل خلاص العالم، ولسوف يستمر المعنى السري لهذه الأسطورة حيا في عبادات الأسرار، ويدخل عنصرا أساسيا في المسيحية التي يتركز معتقدها وطقسها على هذه الفكرة. نقرأ في إنجيل يوحنا: «لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد؛ لكيلا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية.»
10
وقد أخذ الإله الابن بالاستقلال تدريجيا عن الأم الكبرى في عبادات الخلاص، حتى صار في بعضها البطل الوحيد، يقود ملحمة الخلاص دون أم كبرى. وقد حصل هذا التطور في عبادتين رئيسيتين من عبادات الخلاص التي شاعت في العالم اليوناني-الروماني بين سنة 200ق.م. وسنة 200 ميلادية، وهما عبادة ميترا المخلص الشمسي الذي غزا الإمبراطورية الرومانية قادما من فارس (والذي قارعت عبادته السرية الديانة المسيحية الناشئة مدة قرنين من الزمن قبل أن تتراجع أمامها)، والعبادة الأورفية التي نشأت في قلب عبادة الخصب الديونيسية، ثم استقلت عنها وحولت إلهها ديونيسيوس من إله للخصب والكرمة والخمر إلى إله مخلص.
تنتسب النحلة الأورفية إلى «أورفيوس» نبي الإله ديونيسيوس المخلص، ومؤسس أسراره. تجعله بعض الروايات ابنا للحورية «كاليوبي» دون أن تحفل بذكر الأب. ويغلب الظن أن أورفيوس كان شخصية دينية عاشت في مطلع القرن السادس قبل الميلاد، ثم رفعته الفرقة الدينية التي أسسها إلى مصاف الآلهة.
Bog aan la aqoon