Xujada Cishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Noocyada
2
في المجتمع الأمومي، أسلم الرجل قياده للمرأة، لا لتفوقها الجسدي؛ بل لتقدير أصيل وعميق لخصائصها الإنسانية، وقواها الروحية، وقدراتها الخالقة، وإيقاع جسدها المتوافق مع إيقاع الطبيعة. كانت بشفافية روحها أقدر على التوسط بين عالم البشر وعالم الآلهة، فكانت الكاهنة الأولى والعرافة والساحرة الأولى. بهذه الأسلحة غير الفتاكة، مضى الجنس الأضعف قوة بدنية فتبوأ عرش الجماعة دينيا وسياسيا واجتماعيا، وأمام هذه الأسلحة أسلمت الجماعة قيادتها للأمهات.
3
ولقد عزز الدور الاقتصادي للمرأة مكانتها هذه؛ فلقد كانت المنتج الأول في الجماعة، لكونها المسئولة الأولى عن حياة الأطفال وتأمين سبل العيش لهم. كانت المرأة مسئولة عن تحضير جلود الحيوانات وتحويلها إلى ملابس ومفارش وأغطية، وكانت النساجة الأولى والخياطة، وأول من صنع الأواني الفخارية. وبسبب قضائها وقتا طويلا في البحث عن الجذور والأعشاب الصالحة للأكل تعلمت خصائص الأعشاب السحرية في شفاء الأمراض؛ فكانت الطبيبة الأولى. وكانت من يبني البيت ويصنع أثاثه، وكانت تاجرة تقايض بمنتجاتها الآخرين.
4
ومن وجود شعلة النار المقدسة في معابد الحضارات المتأخرة، وقيام عذراوات المعبد بحراستها والإبقاء عليها مشتعلة، نستطيع الاستنتاج بأن شعلة النار الأولى قد أوقدتها المرأة وكانت أول حارس عليها حافظ لأسرارها. وأخيرا توجت المرأة دورها الاقتصادي الكبير باكتشاف الزراعة، ونقل الإنسان من مجتمع الصيد والالتقاط إلى مجتمع إنتاج الغذاء؛
5
بينما حافظ الرجل طيلة هذه المرحلة على دوره التقليدي في الصيد والتنقل بحثا عن الطرائد الكبيرة.
في ذلك المجتمع القديم المتمركز حول الأم، فاضت طبائع المرأة وصفاتها لتصبغ حياة الجماعة وقيمها وعلاقاتها ونظمها وجمالياتها. فحب المرأة لأطفالها هو العاطفة التي ميزت علاقاتها بالمحيط الأوسع، وهو النموذج الأساسي للعلاقات السائدة بين أفراد ينظرون لبعضهم على أنهم إخوة في أسرة كبيرة تتسع لتشمل المجتمع الأمومي، صغيرا كان أم كبيرا. ومعاملة المرأة لأطفالها دون تمييز قائم على خصائص معينة أو قدرات وقابليات ومنجزات، هي التي أسست لروح العدالة والمساواة الاجتماعية القائمة في الجماعة الأمومية. وابتعاد سيكولوجية المرأة عن كل ميل نحو التسلط والاستبداد، هو الذي أعطى هواء الحرية الذي تنفسته الجماعات الأمومية طيلة عهدها. ونفورها من العنف الجسدي إلا عند الحاجة الحقيقية إليه، قد أشاع السلام بين أفراد الجماعة ذاتها وبين الجماعات الأمومية الأخرى. وفيضها الطبيعي على من حولها دون حساب، كان أساس المشاعة البدائية وعدالة توزيع الثروة ضمنها. مناخ أقرب إلى مناخ فردوس فقده الإنسان بحلول مجتمع الذكر الذي ضيع السلام والدعة، ربما إلى الأبد.
6
Bog aan la aqoon