Lubab Tawil
لباب التأويل في معاني التنزيل
علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيحي أبو الحسن، المعروف بالخازن (المتوفى: 741هـ) - 741 AH
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٥ هـ
Goobta Daabacaadda
بيروت
[سورة البقرة (٢): الآيات ٢٥٤ الى ٢٥٥]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤) اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٢٥٥)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ قيل أراد به الزكاة الواجبة وقيل أراد به صدقة التطوع والإنفاق في وجوه الخير مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ أي لا فدية فيه وإنما سماه بيعا لأن الفداء شراء النفس من الهلاك، والمعنى قدموا لأنفسكم اليوم من أموالكم من قبل أن يأتي يوم لا تجارة فيه فيكسب الإنسان ما يفتدي به من العذاب وَلا خُلَّةٌ أي ولا مودة ولا صداقة وَلا شَفاعَةٌ وظاهر هذا يقتضي نفي الخلة والشفاعة وقد دلت النصوص على ثبوت المودة والشفاعة، بين المؤمنين فيكون هذا عاما مخصوصا وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ لأنهم وضعوا العبادة في غير موضعها. قوله ﷿: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.
(فصل: في فضل هذه الآية الكريمة) عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لكل شيء سنام وإن سنام القرآن البقرة وفيها آية هي سيدة آي القرآن آية الكرسي» أخرجه الترمذي. قوله: إن لكل شيء سناما. سنام كل شيء أعلاء تشبيها بسنام البعير والمراد منه تعظيم هذه السورة والسيد الفاضل في قومه والشريف والكريم وأصله من ساد يسود وقوله هي سيدة أي القرآن أي أفضله. (م) عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله ﷺ: «يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟
قلت: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ فضرب في صدري وقال: ليهنك العلم يا أبا المنذر» عن واثلة بن الأسقع: «أن النبي ﷺ جاءهم في صفة المهاجرين فسأله إنسان أي آية في القرآن أعظم؟ فقال رسول الله ﷺ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ أخرجه أبو داود. وقال العلماء: إنما تميزت آية الكرسي بكونها أعظم آية في القرآن لما جمعت من أصول الأسماء والصفات من الإلهية والوحدانية والحياة والعلم والقومية والملك والقدرة والإرادة، فهذه أصول الأسماء والصفات، وذلك لأن الله تعالى أعظم مذكور فما كان ذكرا له من توحيد وتعظيم كان أعظم الأذكار وفي هذا الحديث حجة لمن يقول بجواز تفضيل بعض القرآن على بعض وتفضيله على سائر كتب الله المنزلة، ومنع من جواز تفضيل بعض القرآن على بعض جماعة منهم أبو الحسن الأشعري وأبو بكر الباقلاني قالا لأن تفضيل بعضه على بعض يقتضي نقص المفضول، وليس في كلام الله ﷿ نقص وتأول هؤلاء ما ورد من إطلاق لفظ أعظم وأفضل على بعض الآيات أو السور بمعنى عظيم وفاضل، ومن أجاز تفضيل بعض القرآن على بعض من العلماء والمتكلمين قالوا: هذا التفضيل راجع إلى عظم أجر القارئ أو جزيل ثوابه وقول: إن هذه الآية أو هذه السورة أعظم أو أفضل بمعنى أن الثواب المتعلق بها أكثر وهذا هو المختار وهو معنى الحديث والله أعلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «من قرأ حين يصبح آية الكرسي وآيتين من أول حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم حفظ يومه ذلك حتى يمسي ومن قرأها حين يمسي حفظ ليلته تلك حتى يصبح» أخرجه الترمذي وقال حديث غريب. وأما التفسير فقوله ﷿: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ نفي الإلهية عن كل ما سواه وأثبت الإلهية له ﷾ فهو كقولك لا كريم إلّا زيد فإنه أبلغ من قولك زيد كريم الحي يعني الباقي على الأبد الدائم بلا زوال، والحي في صفة الله تعالى وهو الذي لم يزل موجودا وبالحياة موصوفا لم تحدث له الحياة بعد موت ولا يعتريه الموت بعد حياة، وسائر الأحياء سواء يعتريهم الموت والعدم فكل شيء هالك إلّا وجهه ﷾. القيوم قال مجاهد: القيوم القائم على كل شيء وتأويله أنه تعالى قائم بتدبير
1 / 188