[65]
كتاب الحج
حقيقته: لغة: القصد. وشرعا: القصد إلى بيت الله الحرام للتقرب إليه بأفعال مخصوصة.
حكمه: الوجوب، وفي كونه على الفور قولان، والعمرة سنة مؤكدة، وأفعالها كالحج إلا الوقوف بعرفة.
حكمة مشروعيتها: قد تقدم أن الأحكام تشاريف لا تكاليف، ولتعلم أن الملك العظيم إذا شرف عبيده استدعاهم لمحله ومكنهم من تقبيل يده وأمرهم بطلب حوائجهم، ولما كان الله تعالى مقدسا عن المحل والجارحة أقام البيت الحرام مقام محل الملك، وأقام الحجر الأسود مقام يد الملك، واستدعى عبيده أن يدخلوا ذلك المحل، ويقبلوا ذلك الحجر، ويسألوا حوائجهم، وفي الحقيقة إنما يشار بالحج إلى التجرد لله تعالى ومفارقة المحبوبات وليتذكر بأهوال الطريق الأهوال بعد الموت ويوم القيامة، وفي الغسل قبل الإحرام غسل الموت، وبنزع المخيط ولبس ثوبي الإحرام كالفن، وبالتلبية إجابة الدعاء، وليحضر قلبه لتعظيم البيت ويتذكر بالالتجاء إليه التجاء الموقف، وبالطواف الطواف بدار السيد، وطواف الملائكة بالعرش وبالسعي بين الصفا والمروة التردد في الدار، وبرمي الجمار رمي العدو، وبالوصول إلى منى بلوغ المنى، وبالوقوف بعرفة الوقوف بعرفات العرفاء، وبالنزول بالمزدلفة حصول الزلفى، وبذبح الهدايا فكاك الرقاب، ألا ترى أن الذبيح لما استسلم لأمر الله وفرغ قلبه من الالتفات إلى غيره، كيف فك الله رقبته وفداه بذبح عظيم؟ وشرع الحلاق كالإشارة إلى عدم اعتبار المال ومنع من الصوم أيام التشريق إشارة إلى أن عبيده تأهلوا لضيافته وشرع طواف الإفاضة زيادة في إكرامهم، وكذلك العمرة وطواف الوداع، ثم الحاج إذا وصل إلى المدينة فليحمل على فكره تعظيم من يقصده ويتخيل في مسجدها وطرقاتها نعل أقدامه صلى الله عليه وسلم وأصحابه هنالك ويتأدب في الوقوف ليستشفع بالحبيب ويتأسف إذا لم يكن في صحابته حتى يحظى برؤيته وينبغي لمن عاد من الحج أن يقوى رجاؤه بالقبول ومحو ما سلف من الذنوب وليحذر من
[65]
***
Bogga 61