فضحكت كاشفة عن أسنان مغطاة بالبقدونس، وقالت: أقلت ذلك حقا؟
فقال بحدة: ولذلك انقلب رءوف علوان خائنا!
فحدجته بنظرة إنكار متسائلة: من رءوف علوان؟
فقال بسخط: لا تكذبي، إن من يعاني الظلمة والوحدة والانتظار لا يطيق الكذب!
الفصل الثالث عشر
عقب منتصف الليل اخترق سعيد الصحراء، وفي الجانب الغربي من السماء شيء من القمر، وعلى مبعدة مائة متر من هضبة القهوة صفر ثلاثا، وراح ينتظر، لم يكن بد من أن يضرب ضربته أو يجن، وكان يأمل أن يجد عند طرزان الخبر، وما لبث أن جاء طرزان كموجة من الظلام، فتعانقا ثم سأله: هل من جديد؟
فقال الرجل وهو يلهث بما يتناسب مع سمانته: أخيرا جاء واحد منهم.
فتساءل سعيد بلهفة: من؟ - المعلم بياظة، وهو الآن في القهوة يعقد صفقة. - لم يضع الانتظار هباء، ماذا تعرف عن طريقه؟ - سيرجع من طريق الجبل .
فشد على يده قائلا: تشكر يا معلم!
وابتعد مسرعا مائلا نحو الشرق، مهتديا بالضوء الواني حتى الغابة المحدقة بعيون المياه، وسار بحذاء ضلعها الجنوبي حتى رأسها المدبب الغائص في الرمال عند بدء الطريق المنحدر نحو الجبل، توارى وراء شجرة متربصا، وجرى هواء جاف منعش، فصدرت عن رقعة الغابة الصغيرة وشوشة، وترامى الخلاء كالفناء، ويده قابضة على المسدس، يفكر في الفرصة الممكنة، في الانقضاض على عدوه غير المنتظر، ثم في بلوغ الهدف المضني، وأخيرا في الهلاك كآخر مستقر، وقال بصوت لم تسمعه إلا الأشجار الثملة بالهواء: عليش سدرة ثم رءوف علوان في ليلة واحدة، ثم ليكن ما يكون!
Bog aan la aqoon